الفصل الأول: البعد السياسي والميداني.. أزمة الولاء والتوافق الوطني

عباس المرشد
القوىالسياسية.. موالاة تائهة.. ومعارضة“حقوقية“
أولا: الموالاة وإشكالية الولاء للدولة
لم يكن من الواضح خلال العام المنصرم قدرة القوى السياسية الموالية للنظام على خلق ولاء سياسي للدولة مقابل الولاء الشخصي للعائلة المالكة، بما خلق لدى القاعدة الشعبية المصنفة مذهبيا (اهل السنة) إشكاليات عميقة حول الانتماء والولاء لم تحسم، فهناك الانتماء الخليجي -وبالأخص السعودي- مقابل الانتماء للدولة بحدودها المعروفة، وهناك الانتماء الوطني مقابل الانتماء الديني/المذهبي، وهناك الولاء للنظام السياسي مقابل الولاء للوطن.
لقد حاولت هذه القوى استعادة موقعها السياسي والبحث لها عن مكانة داخل المسار السياسي البحريني وطرحت وثيقة الفاتح كنوع من المسايرة لوثيقة المنامة، التي قدمت فيها المعارضة رؤيتها للبحرين الديمقراطية. إلا أن وثيقة الفاتح لم تجد صدى لا داخل هذه القوى ولا عند النظام أو الأطراف المعنية بالأزمة السياسية في البحرين، ما يعد فشلا في تحقيق وظيفتها السياسية وتحولها لعناصر مذخرة يبقيها النظام وقت ما يحتاجها في صراعه مع القوى المعارضة أو في مباحثاته مع الأطراف الدولية والإقليمية.
من ناحية التعبئة الشعبية فقد كشفت الفترة المتأخرة من العام الماضي انحسار قدرة القوى الموالية على الحشد والتعبئة سواء في المواضيع والقضايا التي شكلت عصبية جماهيرتيها أو في البناء الهيكلي لبعض تلك القوى.
وقد صرح الدكتور عبد اللطيف المحمود لإحدى الصحف المحلية عن عجز تجمع الوحدة الوطنية في إقامة تجمعات جماهيرية لنقص الكوادر البشرية وضعف الميزانية الاقتصادية لإقامة مثل هذه التجمعات.
كما أبرزت المؤتمرات السنوية لهذه القوى ومنها تجمع الوحدة الوطنية تضاؤل الحضور وصعوبة تحقيق النصاب القانوني لعقد تلك المؤتمرات، وهو وضع تكرس بعد حالات الخروج والانشقاق على الوحدات الناظمة لهذه القوى كما في حالة جمعية المنبر الإسلامي (إخوان مسلمين)، وجمعية الأصالة (سلفيين)، حيث استقال العديد من أعضائها للدخول في تجمع الوحدة الوطنية وثم انشقوا عن التجمع مؤسسين شباب تجمع الفاتح الذي تلاشت قوته بعد ذلك أيضا.
لقد استفادت هذه القوى الموالية من دعم النظام لها سياسيا واقتصاديا كما استفادت من غياب النظام الديمقراطي الحقيقي وهو ما ترك المجال مفتوحا لأعضاء هذه القوى لأن تنطبق عليهم خصائص قانون الحظوة والاقتراب من مركز السلطة والحصول على المنافع الاجتماعية والمهنية، خصوصا في الوظائف العليا داخل المؤسسات الحكومية وخلق وظائف عليا جديدة لهم. مقابل هذا الصعود ( الشخصي) تعرضت القوى الموالية لهبوط في أدائها السياسي تمثل في عدة مظاهر:
أولا: فقدانها عصبية التجميع الشعبي عبر حشرها بداية في تجمع الوحدة الوطنية ومن ثم تعرض التجمع لخطر التفتت.
ثانيا: انعدام رؤيتها السياسية المستقلة عن رؤية النظام وأجندته وقد عكس تقرير المؤتمر الأول لتجمع الوحدة الوطنية هذا الواقع عبر تفسيره للمسار السياسي الذي اتخدته القوى الموالية منذ 14 فبراير 2011 وأفضى لأن تستخدم هذه القوى من قبل النظام بشكل صريح وعلني.
ثالثا: انسداد فرص تفاعلها الجماهيري دون الحماية والدعم الحكومي لها.
رابعا: انشغالها بمناكفة ومعارضة القوى السياسية المعارضة والمزايدة على النظام في إنزال أشد العقوبات بالقيادات السياسية المعتقلة والطليقة.
ثانيا: الجمعيات المعارضة: طغيان البعد الحقوق
تضم المعارضة الرسمية ثمان جمعيات سياسية تشكل جمعية الوفاق وجمعية العمل الديمقراطي من الناحية السياسية عمودها الفقري. بطبيعة الحال لم تخلق الجمعيات السياسية حراك 14 فبراير وكانت حذرة في تعاطيها مع دعوة يوم الغضب باستثناء جمعية العمل الديمقراطي التي كان لها موقف مؤيد بشكل علني وواضح لتلك الدعوة، إلا هذه الجمعيات انخرطت في الحراك بعد اشتداده وسخرت كافة كوادرها للانخراط في فعاليات الثورة ولكن على طيقتها الخاصة.
يقوم مشروع الجمعيات السياسية على مبدأ الإصلاح الديمقراطي الجذري وهي تعني بذلك المطالبة بالانتقال من الملكية الدستورية المطلقة إلى الملكية الدستورية المقيدة حيث يمكن تداول السلطة وانتخاب الحكومة بدل تعينها من قبل الملك.
اعتمدت الجمعيات السياسية استراتيجية سلمية الحراك الميداني، وإدانة العنف مهما كان مصدره كأفضل الخيارات المتاحة في ظل تعقيد الوضع الداخلي وشراسة الأجهزة الأمنية وقوتها المتعاظمة.
مع الإعلان عن تشكيل لجنة تقصى الحقائق المستقلة وتحت ضغوط بعض السفارات الكبرى وافقت الجمعيات السياسية على الدخول في جلسات حوار التوافق الوطني، إلا أن جمعية الوفاق انسحبت في الأيام الأولى رافضة مخرجات الحوار، وكذا رفضته الجمعيات السياسية المعارضة، بما في ذلك المنبر التقدمي.
رغم وجود خلافات عديدة بين الجمعيات السياسية المعارضة في المنحى الايديولوجي، وخلافات أعمق في صيغ المعالجة السياسية كالاختلاف في شكل الحكومة المنتخبة والاحتماء بالمرجعيات الدينية؛ إلا انها استطاعت أن تؤصل خلافاتها السياسية في وثيقة سياسية سميت “بوثيقة المنامة” كإطار سياسي يجمع القوى السياسية المعارضة. وقد دعت الجمعيات السياسية الموقعة على وثيقة المنامة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للتوقيع على الوثيقة إلا ان الاستجابة لم تكن بالمستوى المتوقع.
مع ذلك فقد تجاهل النظام والقوى الموالية وثيقة المنامة معتبرين أنها رؤية سياسية خاصة لقوى المعارضة، وليست أرضية حوار وطني الذي يجب أن يبدأ دون شروط ودون متطلبات سياسية. تطور الموقف السياسي للحوار لدى الجمعيات السياسية المعارضة بتطور المعطيات السياسية المتغيرة، وتناغم خطابها مع خطابات الحوار بلا شروط، بعد أن كانت تسوق للمبادئ السبعة لولي العهد ووثيقة المنامة وتقرير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق، ولم تلق هذه التحولات قبولا لدى أطراف الحكم بل إن النظام مارس هجمات أمنية وتسعفا في التضييق على عمل الجمعيات السياسية المعارضة لدفعها للجلوس على طاولة حوار شكلي ودون جدول أعمال زمني أو أرضية واضحة.
وقد استغل النظام حاجة الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا إلى إنهاء ملف القضية البحرينية، والتفرغ لملف إيران النووي والقضية السورية، من أجل ممارسة ضغوط أكبر على قوى المعارضة لقبول تسويات سياسية لا تصل لحد انتخاب الحكومة وتأجيل ذلك لمرحلة قادمة. وكان من الطبيعي أن تسقط مثل هذه التسويات نظرا لعدم توافر مكافئ لها لدى شارع المعارضة ونظرا لدرجتها المتدنية مقارنة مع السقف الادني من المطالب الديمقراطية.
ما يجدر ذكره أن المعارضة الرسمية ظلت تؤكد تمسكها بالحوار غير المشروط، ورفضها للعنف كوسيلة من وسائل الضغط السياسي، وقد أدى تأكيدها على ما يسميه البعض السلمية إلى تعرضها لبعض النقد الاجتماعي خصوصا فيما يتعلق بإدانتها لأعمال احتجاجية مضادة لعنف السلطة والأجهزة الأمنية واحتوائها فتوى اسحقوه الصادر من المرجع الشيخ آية الله عيسى قاسم.
لقد ظلت قوى المعارضة الرسمية ثابتة في مواقعها السياسية ولم تلجأ للتصعيد السياسي. وقد أدى إلى تحويل قضية المطالبة بالديمقراطية إلى قضية حقوقية تؤكد على أحقيتها تقارير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق وتقرير مجلس حقوق الإنسان في جنيف وغيرها من التقارير الحقوقية، وبالتالي فإن الجمعيات السياسية المعارضة لم تفلح تماما في جعل القضية السياسية على قائمة الموضوعات والأولويات الخاصة بقضية البحرين.
ثالثا: إئتلاف شباب 14 فبراير : المطرقة الثقيلة
خارج إطر النظام السياسي السلطوي وخارج القوى السياسية الرسمية تقف القوى السياسية المعارضة والمطالبة بإسقاط النظام وحق تقرير المصير بدلا من الإصلاح السياسي والمملكة الدستورية.
ويعتبر إئتلاف شباب 14 فبراير كأبرز هذه القوى حيث يقود عمليات مواجهات ميدانية بشكل يومي، وبات يتملك قوة بشرية موزعة جغرافياً على العديد من مناطق البحرين بما فيها جزيرة المحرق، يؤمن لإتئلاف تعدد في القيادات الميدانية، كما يعتمد على تنسيق بين المنضوين في الحركة والمتعاطفين معه في القرى والمدن، سواء من حيث الشعارات التي يتم رفعها، أو من حيث نوع تكتيكات المواجهة مع قوات الأمن.
من الناحية السياسية يرى الإئتلاف أن النظام القائم فقد شرعيته منذ 17 مارس 2011، ولم يعد هناك فسحة لأن تكون هناك جولة تصالح أو حوار مع النظام ورموزه، وبالتالي فإن الاستمرار في المواجهة والتصعيد الميداني والسياسي هي الوسائل والآليات التي يهتم بها الإئتلاف في حركيته ونضاله اليومي. منذ يوليو 2011 طرح الإئتلاف شعار تقرير المصير كشعار سياسي قد يعتبر جسرا بين أطياف المعارضة المنقسمة حول المطالب الكلية بين مملكة دستورية وما بين جمهورية شعبية، رغم أن للإئتلاف رؤية سياسية ضمنها في وثيقة ثورة اللؤلؤة تقوم على فكرة إسقاط النظام كأساس لأي حل سياسي منصف. ونظرا لطبيعة عمله الميداني فقد نفذ الإئتلاف العديد من الفعاليات عنونها بعنوان مساندة ومؤيدة للقيادات السياسية المسجونة أو لقضايا سياسية محل إجماع كافة القوى السياسية المعارضة. وهو بذلك يؤطر عمله بما يشبه المطرقة التي يجب عليها تكسير أروقة النظام وتفكيك سلطويته. من جانبه ظل النظام يتجاهل وجود الإئتلاف ويحمل تبعاته على عاتق جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية، وهذا يتأكد من خلو لوائح الإتهام التي قدمت للنيابة العامة والتي يتجاوز عددها الخمسة آلاف صحيفة اتهام من تهمة الانضمام لإئتلاف 14 فبراير واستبدالها بتهم خلايا صغيرة منفصلة ووجهت إليهم تهم التفجيرات أو استهداف دورايات الأجهزة الأمنية أو قطع الطرق.
رابعا: التوافق الوطني مفتاح الحل
سيطرة صيغة الانقسام بين القوى السياسية على أغلب مفاصل المشهد السياسي بما أثر سلبا على إنجاز التحول الديمقراطي المطلوب رغم وجود أرضية صالحة لتحقيق الانتقال، بيد أن الرهان على كسب الجولة بحصيلة صفرية كان سيد مواقف القوى السياسية المعارضة والموالية، وبسبب الانقسام السياسي على أسس طائفية تولدت حالة من الشرعية المنقوصة لدى كل الأطراف بما أفقدها صفة الشمول والاستيعاب لكافة مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع المنقسم والمتصارع بين القوى السياسية، توفرت مساحة فراغ بمقدور النظام الهروب إليه كلما ضاقت عليه أفق الحلول والتسويات، بل إن بقاء الانقسام السياسي أيا كانت مسبباته أعطى النظام فرصة لأن يسوق نفسه على أنه متعالي على الخلافات والانقسامات السياسية، وأنه بصدد الانتظار لحين وصول القوى السياسية لتفاهمات متفق عليها وبتعبير اللغة الرسمية، فإن تحقيق الاجماع أو التوافق الوطني على جملة المطالب السياسية وصيغة الانتقال الديمقراطي هي ورقة ومفتاح الحل للأزمة المتفاقمة منذ 14 فبراير.
2-الحراكالميداني.. تحديات ليست قانونية
عباس المرشد
رغم سيطرة النظام في البحرين على منطقة دوار اللؤلؤة، وهدم نصبه التذكاري وتحويل منطقة محيط الدوار لمنطقة عسكرية مغلقة، وقيام قوات مشتركة من الحرس الوطني ووزارة الداخلية بمنع اقتراب أي مواطن منها، إلا أن الحراك السياسي والحراك الميداني (الثورة الشبابية) التي انطلقت في 14 فبراير 2011 لا يزالان يهمينان على كافة مفاصل المشهد السياسي. هذا الاستمرار المثير للدهشة ساهم في تكوين حركة مراجعات حول مسألة الديمقراطية والتنمية في منطقة الخليج العربي، بعد أن انكشفت حقيقة التنمية النفطية، وأنها لم تكن سوى تكريس للأوضاع التقليدية والمركزية السياسية والاستئثار بالسلطة. كما شكلت احتجاجات البحرين محورا مهما في صيغة العالم العربي بعد الربيع العربي، فقد كشفت طبيعة الاحتجاجات ومطالبها وردّة الفعل التي قوبلت بها من قبل أنظمة الخليج العربي عن بداية تشكل غطاء حماية للأنظمة السياسية، من قبل الأطراف الدولية الفاعلة في الخليج من جهة وبداية للإنحلال السياسي في الأنظمة الملكية من جهة أخرى.
أولا: التمايزات بين المعارضة
اتسم الحراك الميداني منذ إعلان رفع حالة السلامة الوطنية (الطوارئ)- مطلع يونيو 2011- بالفاعلية والحيوية آخذا بعدا متنوعا في الأشكال الاحتجاجية. فقد باشرت الجمعيات السياسية أنشطتها السياسية بعد تجميدها خلال فترة الطوارئ، في حين كثفت التنظيمات الشبابية ممثلة في إئتلاف 14 فبراير من وتيرة حراكها، مستفيدة من دعم ومساندة الحقوقيين والفاعلين السياسيين في الخارج والداخل.
تنوُع الحراك الميداني أرفد القضية المركزية حيوية متواصلة، وحضوراً واسعاً على الصعيد المحلي، كما اسهم هذا الحراك في إسباغ التعددية على قوى المعارضة وخلق تمايزات فيما بينها، خصوصا في الجزء المتعلق بالتصعيد الميداني والموقف من المواجهات الأمنية المعبر عنه بالعنف والعنف المضاد.
وبصورة عامة فقد اتسم الحراك الميداني خلال هذا العام بصفتين هما الجماهيرية والمواجهة أو ما يعرف بين الاوساط الشعبية بالصمود.
فقد حافظت الجماهير على التواجد بكثافة في جميع فعاليات قوى المعارضة التي حملت عناوين مختلفة، مؤكدة على الاستمرار في الحراك الميداني وعلى المطالب الديمقراطية، ومواجهة السلطة سياسيا وحقوقيا وإعلاميا. ورغم حالات القمع والتصدي العنيف للحراك الميداني السلمي من قبل ألجهاز الأمني المهمين على شكل وجوهر النظام فقد ظلت المسيرات اليومية مستمرة وبفعالية عالية وهو ما أكسبها سمة مدهشة في القدرة على التكييف مع أنماط جديدة من القمع والملاحقات الأمنية
ثانيا: إشكالية الاعتصامات المرخصة
المظهر الذي شكل تطورا لافتاً هو سماح الحكومة باعتصامات مؤقتة للجمعيات السياسية المعارضة (الوفاق وشريكاتها)، في ساحة الحرية بقرية المقشع بداية فبراير 2012 ، حيث نظمت الجمعيات عدة اعتصامات مستمرة لأكثر من ثلاثة أيام ماعدا المبيت في الساحة نفسها، و شارك فيها العديد من النشطاء من بينهم الحقوقي الدولي نبيل رجب عبر مسيرة سلمية قادها إلى مقر الاعتصام وتكرر اختيار الجمعيات السياسية لساحة المقشع مرات عديدة، من بينهم الاعتصام الذي أقيم في في يونيو 2012 تحت عنوان التعذيب جريمة ضد الانسانية.
واجه هذا النوع من الحراك إشكالتين: أحدهما الرهان على قدرة مثل هذه الاعتصامات في خلق أجواء تحشيدية كالتي كانت تعقد في دوار اللؤلؤة بين فبراير ومارس 2011.
والاشكالية الاخرى: افتقاد هذه الاعتصامات تجاوز سلطة المنع والتحكم من قبل وزارة الداخلية؛ التي منعت أكثر من مرة إقامة اعتصامات خاصة للجمعيات السياسية. وإشكاليات قانون التجمعات وهو ما يجعل من الجمعيات السياسية ترتهن في حراكها لقانون ترفضه اساسا، وتحاول الخروج عليه، إلا أنها في النهاية كانت تجبر على الانصياع إليه وتكييف الاعتصام بحسب أوامر وزارة الداخلية. كما حدث في الاعتصام المقرر في يوليو 2012 والتوجه بالاعتصام إلى قرية جبلة حبشي القريبة من قرية المشقع، وآخر كان مقرراً في سبتمر 2012، حيث قامت وزارة الداخلية بمنع الاعتصام واعتقال الكوادر المنظمة لعقده ومن ثم الافراج عنهم لاحقاً.
الجمعيات السياسية بحسب قناعتها ترى بأن الجماهير تريد أن تعتصم وتمارس حقها في التظاهر، ولكنها في الوقت نفسه تبحث عن سياجات أمان في حراكها، وهذا ما يوفره قانون التجمعيات في مواده الإيجابية التي تحاول الجمعيات السياسية استثمارها، لكنها تواجه تحديا حقيقيا في المواد القامعة لحرية التظاهر والتجمع والرغبة الذاتية التي تتيح للأجهزة الأمنية التلاعب في منع وترخيص هذه المسيرات والتجمعات.
فتحت عنوان الأماكن الحساسة رفضت وزارة الداخلية إقامة اعتصام الجمعيات السياسية في خليج توبلي المقرر عقده الأربعاء 9 مايو 2012، تحت شعار “لا عودة إلا بالديمقراطية”، وقد أصدرت الجمعيات بياناً قالت فيه ان قوات الأمن منعت بالقوة تجمعا جماهيريا دعت له قوى المعارضة البحرينية في منطقة خليج توبلي بالعاصمة المنامة، مشيرة إلى أن «قوات الأمن طوقت كل المداخل والمنافذ المؤدية لمنطقة الاعتصام منذ وقت مبكر وكثفت تواجدها الأمني في محيط المنطقة وفي طرقاتها الرئيسية والفرعية لمنع وصول المواطنين»، وتابعت «رغم تقديم الاخطار وتوفر المتطلبات لاقامة الاعتصام في المنطقة فإن الجهات الأمنية قالت ان الاعتصام ممنوع دون أن تبدي أسباباً موضوعية للمنع، ونشرت قواتها في محيط المنطقة.
مع وذلك، فقد شكلت التظاهرات المرخصة فرصة كبيرة، ليس فقط لإبراز استمرار الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية، وإنما أيضا أن حجم هذا الحراك ضخم بمقاييس البحرين حين تسير مظاهرات تفوق حجمها مئة وخمسين ألف متظاهر، إضافة إلى استمرار ادعاء الجمعيات بأن هذه الحشود تؤيد المسار السياسي للجمعيات المعارضة.
وقد جاءت مسيرة 9 مارس 2012 كأبرز حراك ميداني من حيث عدد المشاركين الذين قدر عددهم بأكثر من 200 ألف، ومن حيث مشاركة كافة الأطياف السياسية والاجتماعية المعارضة في رسالة مباشرة على توصيف ملك البحرين بأن المعارضة الحالية هي شرذمة يمكن التعامل معها بكل سهولة وأن مطالبهم لا تلقى تعاطفا وقبولا من الشعب، فجاءت مسيرة 9 مارس لتؤكد على وجود خط متفق عليه يخالف توصيف الملك وأن ما اشار إليه بالشرذمة يمثلون نصف الشعب، وهذا ما جعل من الديوان الملكي يصدر بيانا بعد انتهاء المسيرة يصفها بالعمل الحضاري في محاولة لتمليع صورة النظام الذي فشل في تنظيم مسيرة تأييد من قبل تجمع الوحدة الوطنية في المحرق، حيث لم يتجاوز حضور تلك المسيرة سوى بضع مئات.
ثالثا: العاصمة المحاصرة
ظلت العاصمة عصية على الجمعيات السياسية، ولم تستطيع عبر تفاهماتها مع وزارة الداخلية وممثلي نظام الحكم في الحصول على ترخيص لتنظيم مسيرات جماهيرية فيها، وقد حدثت عدة مواجهات أمنية في أكثر من مرة ( 13 يونيو/ 29 يونيو/19 يوليو 2012) أطلقتها الجمعيات السياسية لتحدي المنع في العاصمة، حيث لم تستطيع الجمعيات من تنظيم مسيراتها في العاصمة بفعل قيام قوات الأجهزة الأمنية بفرض حصار أمني على منطقة المنامة ومنع التوافد عليها ومن ثم ملاحقة التجمعات الصغيرة التي تحاول الانطلاق.
وقد اتسمت الدعوات الثلاث بقلة المشاركين فيها، إلا أن دعوة التظاهر في العاصمة في 7 سبتمبر ٢٠١٢ وتصدي الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في التحشيد لها، ونزوله ميدانيا أكسب تلك المسيرة قوة وحيوية.
صنفت المسيرة على أنها من أقوى المسيرات وأكثرها إيلاما للنظام، وذلك من خلال ردة الفعل الحكومية وإيعازها للتجار والجهات الموالية لإصدار بيانات استنكار ورفض للتظاهر في المنامة.
وكان الواضح في حراك الجمعيات السياسية ناحية المنامة أنه خيار تلجأ إليه عند محاصرتها ومنعها من تنظيم مسيراتها المتعادة، وكأنها رسالة للنظام أن المنع والتعسف في قانون التجمعات يقابله تحدي في كسر الهدنة غير المعلنة بخصوص التظاهر في منطقة المنامة وفي الحي التجاري في العاصمة.
إزاء الدعوات القليلة من قبل الجمعيات السياسية للتظاهر في المنامة العاصمة، كان الناشط الحقوقي نبيل رجب يدعو بإستمرار عبر ما أطلق عليه بمسيرات “صمود” إلى التظاهر في المنامة، وكان يقودها بنفسه وقد نظم رجب أكثر من ست مسيرات في شهري فبراير ومارس 2012 في مساء كل خميس، بعنوان مسيرة “صمود” في المنامة، تنتهي بصدامات أمنية ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأجهزة الأمنية.
كما دعا إئتلاف شباب 14 فبراير إلى التظاهر في العاصمة المنامة، مؤكدا على أنها قلب الثورة وخاصرة النظام وكان يشارك في هذه المسيرات المئات من مؤيدي الإئتلاف.
وفي الواقع، فإن التظاهر في العاصمة كان ولا يزال بمثابة خط التماس بين المعارضة والنظام، وأن الأكثر نفوذا وهيمنة هو من يحكم سيطرته على العاصمة، ما يجعل من سياسات النظام تتشدد بطريقة متطرفة في حصارها للفعاليات الاحتجاجية التي تقام في المنامة، وفي الوقت نفسه فإن هذا الوضع الاستراتيجي يجعل من فعاليات المعارضة خارج محيط العاصمة بمثابة الوضع المسموح به ضمن حدود اللعبة السياسية، ومع ذلك فإن بعض تلك الفعاليات تصيب النظام بأكثر من حالة هسيترية يفقد معها قواعد الاشتباك السياسي.
رابعا: إشكالية المواجهة مع الأجهزة الأمنية
شهد الحراك الميداني جدلا سياسيا حول الأدوات المستخدمة والطريقة التي يجب أن يتحرك من خلالها، ففي الوقت الذي تصر فيه الجمعيات السياسية على تجنب المواجهات مع الأجهزة الأمنية وتحبذ المسيرات المخطر عنها والموافق عليها من قبل وزارة الداخلية، تضطر الفئات الشبابية في مواجهتها اليومية مع القوات الأمنية للتصادم، ما يقتضي أن تفعّل أدوات ما بات يعرف “الدفاع المقدس”، وهو مصطلح محلي يشير لاستخدام المالتوف وإغلاق الطرق بالإطارات، كنوع من أنواع الحماية للمتظاهرين والمحتجين، والذي قد يشمل الهجوم على قوات الأمن المشكلة من عناصر أجنبية (مرتزقة).
لقد خلق هذا التباين في أدوات الحراك إصطفافا سياسيا وإصطفافا ميدانيا بين القوى السياسية المعارضة، وبين هذه القوى وقوى الموالاة والحكم من جهة ثانية. فقد اعتبرت الجمعيات السياسية نفسها مسئولة عن ترشيد الحراك الميداني وتشجيعه على نبذ استخدام المالتوف، وبرزت هذه الحملة في تصريحات قادة الجمعيات السياسية، وفي حراكها فترة منعها من القيام بالمسيرات والتظاهر، حيث قام أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان ومساعده خليل المرزوق بعقد لقاءات مفتوحة في المناطق والقرى، واحتوت أغلب تلك اللقاءات على تشجيع نبذ ما تمسيه عنفا مضادا لعنف السلطة وقد أصدرت الجمعيات عدة بينات سياسية قالت فيها أنها ضد كل أشكال العنف ومن أي جهة.
وفي الواقع أتت هذه الدعوات متسقة سياسيا مع منطق الجمعيات السياسية، لكن ذلك لم يكن بعيدا عن مجريات لقاءات التفاهم التي أجريت بين السلطة والجمعيات السياسية، أو التعاطي مع دعوات الحوار حيث برزت شروط جديدة منها إدانة العنف بكل أشكاله، والتي قد يكون في ضوئها صنفت المواجهات اليومية على أنها عنف أيضا مع أن الجمعيات المعارضة تدين العنف دائما، كما لا يجب فصل ذلك عن ضغوط ممثلي بعض الدول الكبرى حيث تصر على ان تعلن الجمعيات السياسية موقفها من مواجهة قوات الشرطة والتصدي لهم.
من ناحية أخرى، عكس الحراك الميداني لتيارات الممانعة وبالأخص إئتلاف شباب 14 فبراير عن قدرة الإئتلاف على تحريك الساحة ميدانيا كما يريد، وهي قدرة يمكن ملاحظتها مباشرة في فعاليات تقرير المصير التي تقام في مناطق مختلفة وتشهد مواجهات أمنية فريدة من نوعها وترتيبات أمنية ولوجستية خاصة بالمناطق حيث تقوم التنظيمات الشبابية بتجهيز مشافي ميدانية ودعم وحماية المشاركين من قمع وملاحقة قوات الأجهزة الأمنية.
خامسا: فعاليات تقرير المصير
في 23 اكتوبر 2011 ، أصدر إئتلاف 14 فبراير بيانا أعلن فيه استئناف فعاليات تقرير المصير، عبر شعلة تقرير المصير كفعالية ميدانية تجوب المناطق والقرى، وبحضور عوائل الشهداء والمعتقلين، حيث قدم الائتلاف فعاليات حق تقرير المصير كمطلب سياسي وكشعار مرحلي يجمع الفئات الثورية وقد خصص الإئتلاف لجان شعبية ( سترة، المنامة، الدير، كرزكان، بلاد القديم، العكر والنويدرات، الدراز وبني جمرة. عالي وبوري..) تتوزع في الكثير من أنحاء قرى ومدن البحرين، وتعمل على خلق أزمات للسلطة ولها طرقها في الأحتجاج ومواصلة الحراك الميداني.
وشهدت هذه الفعاليات حضورا وترتيبات تدل على قوة التنظيم والتواصل بين المجاميع الثورية في أوضاع شديدة السرية وعالية الخطورة، ويخصص لكل فعالية مستشفى ميداني وتجهيزات خاصة لمعالجة الإصابات التي تحدثها قوات الأاجهزة الامنية عند تصديها لفعاليات تقرير المصير.
سادسا: الحراك المضاد
قاد تجمع الوحدة الوطنية الموالي للنظام مظاهرات تحت مسمي مظاهرات الولاء للقيادة مضادة للمظاهرات الأصلية، وأنشأت صفحات إلكترونية مضادة لصفحات ثورية على “الفيس بوك”. ولعبت الآلة الإعلامية المرئية والمقروءة هي الأخري دورا رئيسيا في إنشاء حراك مضاد للحراك السياسي، بالتركيز على فكرة طائفية الحراك وعنفه وارتباطه بإيران من جهة ومحاولة تضخيم الأحداث السياسية في البلدان الأخرى من جهة أخرى. هكذا، تبدو الثورات المضادة في الخليج أكثر ضراوة من الثورات المضادة التي تشهدها دول الثورات العربية (مصر وتونس)، وفي الوقت الذي لا تزال فيه قوي الثورات الحقيقية هزيلة ومنزوية في هامش المشهد الإعلامي، تبدو الثورات المضادة طاغية ومسيطرة، ولديها وسائل القوة والتعبير اللازمة لإجهاض الثورات الأصلية. إن قوي الثورة المضادة متمترسة في قلب النظام، وتتمثل في المؤسسات الدينية التي أقامت تحالفا حديديا مع السلطة، وتستقطب الأنصار، وتغدق الحوافز، وتتمثل أيضا في أجهزة إعلام قوية لديها القدرة علي التستر علي المشهد الداخلي الحقيقي، وتصدير مشهد مغاير، ولديها أيضا القدرة علي استيراد مشاهد قلق إقليمية، والصمت علي مشاهد القلق الداخلي(1)
سابعا: تحديات الحراك الميداني
رغم كثافة الحراك الميداني اليومي والاسبوعي فقد واجه هذا التحرك مجموعة من التحديات أبرزها:
أولا: تدخل الأجهزة الأمنية وفق قانون التجمعات لمنع بعض الفاعليات أو تحديد أماكنها، فقد ظل حظر التظاهر في العاصمة المنامة ساريا منذ فرضه في 16 مارس 2011، ولم تستطع القوى السياسية الرسمية من خرق هذا المنع سوى في حالات ممانعة نادرة كما في دعوة جمعية الوفاق للتظاهر في العاصمة المنامة بقيادة الأمين العام الشيخ علي سلمان في بداية سبتمبر 2012.
كما منعت السلطات الأمنية الجمعيات السياسية من إقامة أي تجمع أو مسيرة بعد تحدي الشيخ علي سلمان لقائد الجيش المشير خليفة بن احمد، في كلمة افتتاح المؤتمر السادس لجمعية الوفاق في مارس 2012 حيث قال سلمان: “قال المشير إن عدتم عدنا وعندنا 200 بالمئة قوة، لتعلم يا أيها المشير إن في هذا الشعب قوة ومصادر قوة لم نستخدم حتى خمسين بالمائة منها، تعلم أنت ويعلم غيرك أننا أبناء رسول الله وأهل البيت، وهذه الذرية وأبناء خيار الصحابة و التابعين، وتعلم أن تربيتنا مركزها الآخرة، وتعلم أن مجرد كلمتين بفتوى شرعية، يقدم أبناء هذا الشعب عشرات الآلاف على كفوفهم لا تبقي ولا تذر…مهما استخدمتم من وسائل بطش ستؤول إلى الفشل، ولو جاء كل قوات المنطقة من أجل منعنا عجزت وستعجز. الدنيا تغيرت لا يمكن إرجاع عقارب التاريخ للخلف، ولم يعد بالإمكان أن ينهي القمع هذه المطالب ، لن تكونوا بقوة صدام ولا ببطش صدام حسين ، ولكن كل هذه التجارب التي قدمها الله لكم قادت إلى أنه لم يعد بالامكان أن تكسر شعبا واعيا، مصرا على نيل حقوقه بالقوة، ولن تستيطع أيها النظام أن تقوم بمناورات سياسية تقسم فيها المعارضة او تشققها، فعقل المعارضة وتجربتها أكبر من قدرتك والآعيبك فأترك ذلك”.
بعد كلمة زعيم الوفاق تلك، ظل المنع قائما لأكثر من شهرين ثم تم السماح للجمعيات السياسية باستئناف حراكها الميداني.
ثانيا: تحول المسيرات والتظاهرات اليومية في المناطق إلى مواجهات أمنية فور انطلاقها بما أدى إلى تقليل عدد المشاركين فيها وحصر ذلك بالفئات الشبابية والنسوية المتوسطة في العمر.
ثالثا: انحسار التفاعل الإعلامي من قبل القنوات الإعلامية مع الحراك الميداني لحساب قضايا أخرى، مثل القضية السورية والقضية المصرية.
رابعا: التضارب والتعارض في فعاليات الحراك الميداني بين إئتلاف شباب 14 فبراير وفعاليات الجمعيات السياسية، وهو تعارض يؤدي بطبيعة الحال لفرز الجماهير وتصنيفها في بعض اللحظات المفصلية، وقد شهدت أيام الجمع الكثير من هذا النوع من التضارب على الأقل في البعد الزمني فضلا عن البعد الوظيفي للحراك نفسه.
خامسا: استنزاف الحراك الميداني اليومي للعديد من الكوادر عبر الحملات الأمنية المقننة من جهة وإحداث إصابات خطيرة في صفوف الشباب المتظاهرين في المناطق من جهة اخرى.
أصدرت الجمعيات السياسية في البحرين “جمعية العمل الوطني الديمقراطي-وعد، وجمعية الوفاق الوطني الاسلامية، وجمعية المنبر التقدمي، وجمعية التجمع الوطني الوحدوي وجمعية التجمع القومي وجمعية الاخاء الوطني” اعلان مبادئ اللاعنف.
إعلان مبادئ اللاعنف:
هذا الإعلان يمثل مبادئنا التي نؤمن بها، وقد التزمنا بها منذ تأسيس جمعياتنا وأكدنا عليها بعد 14 فبراير 2011، ونعيد التأكيد عليها، باعتبار ان السلمية هي النهج الاستراتيجي في عملنا السياسي سلوكا وممارسة لتحقيق مطالب شعبنا من خلال مشاركته الحقيقية في صياغة قراره السياسي ورسم مستقبل بلادنا في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية والأمن الاجتماعي والسلم الأهلي. وان دعواتنا المتكررة للتسامح والتعددية والتنوع نابعة من قناعاتنا الراسخة والصادقة بانها الطريق الأمثل لتعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء شعبنا بمكوناته المختلفة.
إن الحراك السياسي والمجتمعي في البحرين له تاريخ عريق يمتد لقرابة قرن من الزمان، وشهد هذا التاريخ لقوى وشخصيات وطنية قديما وحديثا ناضلت وتناضل من أجل حقوق الشعب المشروعة، وحراك اليوم هو امتداد لحراك الأمس، ويتكامل معه في منطلقاته وأهدافه، وإنطلاقا من الحق الأصيل والحرية الكاملة المكفولة إنسانيا ودوليا ووفق المبادئ الدستورية المتعارف عليها، في تحقيق المطالب المشروعة السياسية والاجتماعية والاقتصادية عبر انتهاج الحراك السلمي الحضاريوالتمسك بالوحدة الوطنية اللتين درجت عليهما نضالات شعبنا، وبواسطتهما حققت الاستقلال السياسي وأنتجت أول دستور وبرلمان للبلاد، نطلق نحن الموقعون على هذا الاعلان، مبادئ نؤمن ونلتزم بها، ونحفز الآخرين على االاخذ بها لتكون الإطار الجامع لجميع قوى المجتمع ومكوناته مهما بلغت درجة خلافاتهم في الرؤى والمواقف، ليبقى الإطار الوطني الجامع هو الانتماء الوطني النابع من القيم السماوية والإنسانية التي لا تتجزأ ولا تتعارض ولا تصادر.
ومن هذا المنطلق،
وإذ نشير للقرار A/RES/61/271 الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 حزيران/يونيه 2007 بخصوص اليوم الدولي للاعنف
وإلى قرارات الجمعية العامة 53/243 ألف وباء المؤرخين 13 أيلول/سبتمبر 1999، اللذين يتضمنان إعلان ثقافة السلام وبرنامج العمل بشــأن ثقافــة الســلام، و 55/282 المؤرخ 7 أيلول/سبتمبر 2001 بشأن اليوم الدولي للسلام، و 61/45 المؤرخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2006 بشأن العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف من أجل أطفال العالم، 2001-2010، والقرارات الأخرى ذات الصلة،
واضعين في إعتبارناأن اللاعنف، والتسامح، والاحترام الكامل لجميع حقوق الإنسان، والحريات الأساسية للجميع، والديمقراطية، والتنمية، والتفاهم المتبادل، واحترام التنوع، أمور مترابطة ويعزز ويكمل بعضها بعضا،
ومؤكدين أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة لتحقيق مطالب مشروعة أو يستخدم لمنع تحقيق مطالب مشروعة.
ومؤمنين أن الكرامة والحرية والأمن والعدالة والمساواة والتعددية والتنوع والشراكة في الدولة الديمقراطية الحديثة هي متطلبات ضرورية للأفراد والمجتعات لايجوز سلبها من الأفراد والمجتمعات تحت أي ظرف أو مبرر.
ومعتمدين أن من حق الأفراد والمجتمعات اتخاذ كافة الوسائل السلمية من حرية تعبير وتجمع وتنظيم للمطالبة بهذه الحقوق الأساسية، ولا يجوز لأحد معارضة ذلك فضلا عن منعهم خصوصا بالقوة.
وواضعين في اعتبارنا أننانحن اليوم بأمس الحاجة أكثر من أي وقت مضى، وبعمل وطني جماعي من كافة الأطراف ومن كل المستويات لترسيخ ثقافة اللاعنف وانتهاج أسلوب الحوار والقبول بالرأي الآخر والتعددية في الآراء
وعليه نطرح مبادئنا في إعلان مبادئ اللاعنف ونحث الآخرين لتبنيها:
1- أن نحترم الحقوق الأساسية للأفراد والقوى المجتمعية، وأن ندافع عنها.
2- أن نلتزم بمبادئ حقوق الآنسان والديموقراطية والتعددية
3- أن لا ننتهج في سلوكنا أي من أساليب العنف أو تجاوز حقوق الإنسان والآليات الديموقراطية
4-أن ندين العنف بكل أشكاله ومصادره وأطرافه.
5- آن ندافع عن حق المواطنين في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وفقا للمواثيق العالمية المعتمدة، وفي مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
6- أن نكرس وندعوا في آدبياتنا وخطابنا وبرامجنا الي ثقافة اللاعنف وانتهاج السبل السلمية والحضارية.
الجمعيات السياسية الموقعة
·جمعية العمل الوطني الديمقراطي وعد
·جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
·جمعية التجمع الوطني الوحدوي
·جمعية المنبر التقدمي
·جمعية الإخاء الوطني
·جمعية التجمع القومي الديمقراطي
واشنطن ترحب بإعلان المعارضة البحرينية «وثيقة اللاعنف»
واشنطن – وزارة الخارجية الأميركية
أعلن بيان صحافي صادر عن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 ترحيبه بـ «وثيقة اللاعنف» التي أصدرتها المعارضة البحرينية. وجاء في البيان: «نرحب بإعلان مبادئ اللاعنف الصادر عن ست من الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين في 7 نوفمبر 2012. إن الالتزام العلني باللاعنف يُعتبر خطوة مهمة نحو بناء الثقة، ونحن نثني على الجمعيات السياسية بإعلان التزامها بمسار سياسي يرفض العنف من أجل تحقيق أهدافهم. إننا نحث الحكومة البحرينية والجمعيات السياسية الست للدخول في عملية سياسية جادة وعملية لإيجاد سبل تفسح المجال لاستئناف المظاهرات السلمية في أقرب وقت ممكن.
لقد طالبنا مراراً وتكراراً حكومة البحرين وجميع عناصر المجتمع البحريني باتخاذ خطوات ملموسة لخلق مناخ ملائم لحوار وطني جاد يستجيب لتطلعات جميع البحرينيين. ونحن نحث جميع الأطراف على المساهمة في تعزيز مناخ المصالحة.
ما زلنا نشعر بالقلق العميق إزاء استمرار الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في البحرين، وكذلك بسبب زيادة الهجمات العشوائية العنيفة والمتزايدة على المدنيين وقوات الأمن البحرينية».
http://www.alwasatnews.com/3718/news/read/714978/1.html#.UKIypI77XaY
________________________________________
1-د. معتز سلامة : الإجراءات المسبقة لتجنب الثورات الشعبية في الخليج، مجلة السياسية الدولية ربيع 2012