تمهيد
البحرين جزر في خليج تقوم على احد شاطئيه الجمهورية الاسلامية في ايران وعلى الشاطئ الاخر تقوم دول عربية (العراق -الكويت – السعودية – قطر – الامارات العربية – عمان)، ويقطنها عرب يعتنقون الاسلام، منهم على مذهب الشيعة الاثني عشرية وهم الغالبية والاخرون يعتنقون مذاهب اهل السنة. وأنشئت في البحرين بعد استقلالها عن بريطانيا دولة تحولت الى مملكة قادها ملك يحكم بشكل وراثي ويعتنق الاسلام على مذهب اهل السنة، ما جعله يخشى على حكمه من الاغلبية فيعمد الى سياسات تحول دون تمكين هذه الاغلبية من المشاركة في القرار السياسي او ممارسة حقوقها السياسية والمدنية بشكل طبيعي، الامر الذي خلق هوة بينه وبين الاغلبية الشعبية دفعتها في خضم ما سمي الحراك الشعبي العربي الذي بدأ في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين دفعها الى الانتفاض بوجه الحاكم، ووضع علامات استفهام كثيرة حول البحرين وامنها القومي.
وفي الآونة الاخيرة تعرض الامن القومي للبحرين لاهتزازات عنيفة نتيجة ما بدأت تشهده البلاد منذ مطلع العام 2011 من مواجهات بين الشعب والحاكم الذي استعان بقوى اجنبية لقمع شعبه الذي خرج الى الشارع في ثورة سلمية يطالب فيها بإصلاحات في النظام السياسي القائم على الملكية الدستورية نظريا والذي يمارس الملكية المطلقة غير المقيدة بدستور او قانون او قواعد نظامية تضبط ادارة البلاد وحكمها.
وبدل ان يستجيب الحاكم لشعبه ويدخل معه في حوار سياسي يفضي الى تحديد الممكن للعمل به بحيث تحفظ البحرين لاهلها وتستعيد دورة الحياة فيها طبيعتها بما يخدم الدولة بشعبها وسلطتها ويمكن الجميع من السعي معا لتطوير الدولة وتقدمها، فانه استند الى دعم عسكري اجنبي ليحتمي به اولا ثم انتهج سياسة داخلية تقوم على القمع المباشر والتهميش شبه المطلق للشعب والامعان بشكل اكثر في التمييز بين افراده على اساس طائفي بحيث حرم الاكثرية التي تتشكل من المسلمين الشيعة كما ذكرنا من حقوق المواطن، كما انه عاقب من هم من اهل السنة الذين يعتقدون بمذهبه الديني ولا يؤيدونه في سياسته الظالمة في الحكم والقمعية في الامن، والانحدار في الاقتصاد. ثم تطور الوضع في مجال القمع خارج الحدود المألوفة تاريخيا الى حد سحب الجنسية من مواطنين اصليين في الوقت الذي يمنح فيه الجنسية لغير عرب بل لمجرد انهم من مذهب الحاكم ويؤيدونه في سياسته، ممعنا في تنفيذ التغيير الديموغرافي المؤدي الى سلب الشعب الاصلي حقوقه في بلده وتقديمها للاجانب.
في ظل هذا الوضع بات الامن القومي البحريني عرضة لمخاطر شديدة، وبات يواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة تهدد الدولة في واقعها وحاضرها ومستقبلها، ما يطرح اسئلة كبرى اليوم حول قدرة البحرين على مواجهة هذه التحديات؟
هذه الاسئلة نطرحها ونحاول الاجابة عليها في هذه الورقة البحثية التي نتناول فيها اولا تحديد الامن القومي بشكل عام، لنعرض بعدها لتحديات الامن القومي في البحرين بكل ابعادها الممكن تناولها في هذا السياق، ونختم بعرض تصور عملي لمواجهة هذه التحديات وفقا لما هو قائم ومتاح.
أولاً: تحديدات الامن القومي
- تعريف الامن القومي بشكل عام
لم يتفق الباحثون على تعريف واحد محدد للامن القومي بعبارات او تعريفات جامعة قاطعة، وتوزعت المواقف من تحديده في اتجاهات شتى، لكن معظمها اليوم، اولنقل ان النظرة الحديثة للامن القومي باتت تتخطى المفهوم العسكري الضيق الحصري لتتوسع فتستوعب الاقتصاد ثم لتكتسي مفهوما شموليا عاما يدخل فيه كل ما يمس الدولة بشعبها وارضها وسلطتها وبالتالي يكون تحقيق الامن القومي بمفهومه الشامل مستوجبا لامتلاك القدرات الكافية التي تحمي وجود الشعب بذاته على ارضه من غير اي انتهاك وكذلك افراد هذا الشعب في مصالحهم خارج الوطن، كما وتحفظ لهذا الشعب جماعة وافرادا، الحقوق الملازمة للوجود الانساني المدني بوجهيها المادي والمعنوي ويدخل هنا بشكل خاص ما يعرف بحقوق الانسان والمواطن ـ وتضاف ايضا متطلبات الحياة الكريمة للشعب شاملة النواحي الاقتصادية والمالية ومواطن التكسب والعيش، وتمكين الشعب من صياغة نظامه السياسي الذي يلبي طموحه ويؤمن له ما ذكر، واخيرا تمكين الدولة من امتلاك الفضاء الاستراتيجي الخاص الذي يناسب جغرافيتها السياسية وموقعها وتطلعاتها عبر الحدود. ما يعني ان تحقيق كل ما يتعلق بالامن القومي الشامل لدولة ويفرض زج قواها الشاملة كلها لبلوغ الهدف المنشود.
وبالتالي يكون للامن القومي وجوه شتى تتجاوز ما قد يتبادر للذهن للوهلة الاولى من طابع عسكري، لكن وقبل ان نحدد هذه الوجوه لا بد من الاشارة الى التمايز الذي يبديه بعض المفكرين والباحثين في الشأن والاتجاه لدى البعض للتفريق بين “الامن الوطني” و”الامن القومي” في حين نجد البعض الاخر يدمج بينهما.
وللتوضيح نقول انه في حال كانت الامة موزعة على اقطار ودول مستقلة عندها قد يكون من الادق اعتماد تسمية “الامن الوطني” لكل دولة من من الدول التي يقيمها جزء من هذه الامة، ويحتفظ بعبارة “الامن القومي” للدلالة على امن جميع الدول التي تنتسب لامة واحدة واذا كانت هذه الدول متصلة فيما بينها جغرافيا فيدخل عندها مفهوم ثالث هو”الامن الاقليمي” الذي قد يتحد مع “الامن القومي” اذا كانت دول الاقليم كلها تنتمي لقومية واحدة او يتعدى “الامن القومي” ان كانت دول الاقليم موزعة بين قوميات شتى او كان الاقليم ذا خصوصية تتعلق بجزء من الامة يتعدى الدولة.
وعلى سبيل المثال نقول ” الامن الوطني السوري ” او” اللبناني” او”البحريني”، ونقول “الامن القومي العربي”، ونقول “الامن الخليجي” او”الامن الاقليمي الشرق اوسطي “، فيختص الاول بدولة من الدول العربية والثاني بجميع الدول العربية، والثالث بجزء من الدول العربية في الخليج والرابع بجميع الدول في الشرق الاوسط من عربية وغير عربية التي تجد نفسها عرضة لتهديدات من طبيعة واحدة او مصدر واحد. وهنا لا تكون “اسرائيل” جزءا من “الامن الاقليمي الشرق اوسطي” بل العكس هو الصحيح لانها في التحليل العام تشكل بنظر شعوب الاقليم ودوله جزءا من تهديدات “الامن القومي” و”الامن الاقليمي” كما “الامن الوطني” لبعض الدول.
لكن البعض رغم وجاهة هذه الحجج يرى ان “الامن الوطني” متعلق بوطن وعلى مساحة هذا الوطن الذي تقوم عليه الدولة، بينما “الامن القومي” متعلق بشعب وامة انضووا في دولة واحدة مهما كان تركيبها ويتوسع ليشمل افراد هذا الشعب والامة اينما حلوا داخل الدولة او خارجها ولاي قومية انتموا، ويجنح بالتالي الى اعتماد مفهوم “الامن القومي” حتى ولو كان الامر متعلقا بدولة تشكل بغالبية شعبها جزءا من امة اوسع.
وحتى لا نغرق في اختلاف المفاهيم ومع تمسكنا بالتمايز الذي نراه بين “الامن الوطني” و”الامن القومي” كما بينا اعلاه لا نرى ضيرا في اعتماد مفهوم “الامن القومي” في هذه الدراسة التي تتعلق بالبحرين التي يشكل شعبها جزءا من امة ومن منطقة اوسع.
- وجوه الامن القومي وتفريعاته
كما أسلفنا لم يعد “الامن القومي” في مفهومه الحديث مقتصرا على ما يتبادر للذهن تقليديا من مفهوم عسكري يرمي الى حفظ الكيان السياسي المعين بعيدا عن اي انتهاك بل تعدى الامر هذا المفهوم وأضحى “الامن القومي” موزعا على عناوين عدة منها:
أ. الامن الجغرافي في الارض والحدود
هو النواة الاولى للامن القومي ويتوجه الى حفظ الارض التي تقوم عليها الدولة ويتخذها الشعب وطنا ضمن حدود معترف بها. وهو الامن الذي يستوجب الدفاع الذي تمارسه الدولة في مواجهة عدوان خارجي ويتطلب تحقيقه امتلاك القوة العسكرية التي تمنع الاعتداء على ارضها وتمنع انتهاك سيادتها الاقليمية في البر والبحر والجو. وقد شكل هذا الوجه الاساس للامن القومي وتلازم معه خاصة عند قيام الدولة القومية فكان الدفاع عن ارض الدولة يعني الدفاع عن الامة التي نهضت لتشكل دولة واحدة وهنا تداخلت مفاهيم “الامن الوطني” مع مفهوم “الامن القومي” طالما ان الوطن هوما اتخذته الامة من ارض لاقامة دولتها عليه.
ب. الامن الوطني الداخلي
ويتوجه الى صنع البيئة الداخلية الآمنة التي تمكن المقيمين في الدولة من العيش والعمل والسكينة وممارسة الحقوق بعيدا عن خوف من متجاوز او انتهاك من معتدٍ. وهوما يعني الامن بمفهومه التقليدي الضيق الذي لا يتعدى الامن المادي والجسدي للمقيمن داخل الدولة والبيئة المناسبة لممارسة النشاط مع المحافظة على انتظام العلاقات البينية لافراد الشعب وشرائحه، بما يحقق الانتظام العام للمجتمع والسلام الداخلي فيه فلا ينتهك في وجوده او ثروته او في حقوق افراده كمواطنين.
ج. الامن الاجتماعي
ويتوجه الى المجتمع المنظم الذي قامت الدولة من اجله لحفظه كمجتمع متماسك فاعل ذو هوية محددة وقواعد اخلاقية وفكرية وعقائدية مؤكدة، مجتمع قادر على العمل والانتاج لتأمين الحاجات اللازمة للجماعة والافراد للعيش الكريم بما يمكنهم من احترام القانون وتحقيق الانتظام العام، فغاية الامن الاجتماعي تكمن في حفظ الافراد ومنحهم فرص العيش الكريم والعمل القويم كأعضاء صالحين فاعلين في مجتمع يبتغي التطور، ولهذا يتجاوز الامن الاجتماعي الامن البدني الانساني المتصل بحياة الناس وسلامتهم، ليشمل ضمان سلامة العلاقات الاجتماعية التي تقود الى تماسك المجتمع وتطوره، وصولا الى تثبيت المجتمع بأفراده كلهم في ارضهم ومنع مزاحمة الغير لهم في حقوقهم الوطنية والانسانية.
ومن الامثلة على انتهاكات الامن الاجتماعي نذكر جرائم النقل القسري للجماعات وجرائم الاخلال بالتركيبة الديموغرافية للمجتمع عبر احلال اجانب بشكل جماعات تفسد النسيج الاجتماعي المتناسق والمتماسك، او حرمان المجتمع من متطلبات الحياة الاساسية التي توفرها البنى التحتية للدولة كما وجرائم غسل الادمغة او الاجتثاث التراثي حيث يعتبر كل ذلك اخلالا بالأمن الاجتماعي، ولا يفوتنا القول ايضاً بان اخطر ما يفسد الامن الاجتماعي هو انهيار الاخلاق والانحلال واذكاء النعرات والفتن الداخلية.
د. الامن السياسي
ويتوجه الى نظام الحكم واسلوبه والعلاقات المتبادلة بين الحاكم والمحكوم بما يحفظ حقوق الجميع ويضمن ممارستهم لها وقيامهم بواجباتهم بصددها. ويستلزم الامن السياسي توفير الظرف المناسب والملائم للسلطات السياسية في الدولة للعمل وتحصينها ضد مخاطر تشكل الحركات المناهضة التي تستهدف اسقاطها او شلها او تبديلها خارج ما يجيزه القانون والاعراف السياسية الدولية. كما يشمل من جهة اخرى تمكين المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية فرادى او جماعات عبر تشكيل الاحزاب والتجمعات والجمعيات وما اليه. وهنا يتوجب التمييز بين الاعمال المشروعة للسلطة التي تحفظ النظام وفقا للقانون، وبين التصرفات القمعية التي قد تقدم عليها بذريعة حماية النظام فيحرم الشعب بمواطنيه من ممارسة حقوقهم السياسية وهنا يكون خرقا للامن السياسي. فالامن السياسي ذو اتجاهين متلازمين متوازنين يعملان لمصلحة السلطة ومؤسساتها ولمصلحة الشعب وهيئاته.
هـ. الأمن الاقتصادي
ينطلق الامن الاقتصادي من فكرة المحافظة على الثروة الوطنية وتفعيلها وتمكين الشعب من استغلالها فيما يخدم الشعب برمته افرادا وشرائح وجماعات، ثم يتوسع الامن الاقتصادي ليشمل ارساء اسس سليمة لدورة الحياة الاقتصادية الفاعلة بحلقتيها الداخلية والخارجية وتنميتها باطراد. ونعرف ان الحلقة الاقتصادية الداخلية تتضمن الوصول الى الثروة ووسائل الانتاج والسيطرة عليها ثم تقليبها وتشغيلها بما ينتج السلع الاستهلاكية والخدمات اللازمة للمجتمع، وتشمل الحلقة الاقتصادية الخارجية القدرة على تأمين السلع اللازمة من الخارج وتوفيرها في الكلفة الادنى والتوقيت المناسب، وتسويق فائض الانتاج المحلي في السوق الدولية سعيا لتحقيق توازن ما في الميزان التجاري. ويشكل اهمال الثروة الوطنية او تعطيل العمل وشل الحركة في الدورة الاقتصادية الداخلية او الخارجية اخلالا بالأمن الاقتصادي الذي يرتد سلبا على الامن القومي بمفهومه الشامل.
و. الفضاء الحيوي الاستراتيجي للدولة
الفضاء الاستراتيجي للدولة هو مجالها العابر للحدود الذي تتحرك فيه علاقاتها مع الخارج بشكل ايجابي مأمون يضمن مصالحها الامنية في الفروع التي ذكرت ويشكل حاجزا مانعا لتدخل الغير في شؤونها الداخلية ويمنحها فرصة بناء العلاقات مع الدول الاجنبية بما يحقق تلك المصالح في السقف الاعلى الممكن. يتوسع الفضاء الاستراتيجي ويتعمق او يضيق ويضمحل نسبة الى قدرات الدولة وقواها الشاملة وعقيدتها الفكرية ومثلها. فقد تفرط الدولة في توسيع فضائها الحيوي الاستراتيجي وتعميقه ليصل الامر الى حد التدخل في شؤون الغير وفرض التبعية عليه وهنا يتحقق امن دولة على حساب دولة اخرى وهو امر يتجاوز الامن القومي بمفهومه الاستراتيجي الايجابي ليصل الى حد الاستتباع والالحاق والهيمنة. فينتهك بذلك الامن القومي للدولة الاخرى محل الهيمنة دونما ان يحصل احتلال مادي او وجود عسكري اجنبي على اراضيها، لان مجرد مصادرة القرار الوطني والسيادي يعتبر انتهاكا للامن القومي.
ثانياً: تحديات الامن القومي البحريني
على ضوء التحديدات المبينة اعلاه وباسقاطها على واقع البحرين اليوم نجد ان الامن القومي للبحرين يعاني من صعوبات وثغرات هامة ويواجه تحديات شتى في اكثر من جانب يمكن استعراضها في عناوينها الرئيسية كالتالي:
- تحدي الامن الجغرافي
- الأرض والحدود
تعاني البحرين من وجهين من وجوه التدخل العسكري ووجود قوات اجنبية على اراضيها وجودا لا تتطلبه المصلحة الفعلية لدولة البحرين ولشعبها، لا بل تشكل تهديدا جديا لهذه المصالح.
يتمثل الوجه الاول بانتشار عسكري اميركي في البحرين واقامة قواعد عسكرية على اراضيها وتركيز قيادة الاسطول العسكري البحري الخامس فيها. ومن البديهي ان يؤثر هذا الوجود على امن البحرين وسيادتها وان يفسد العلاقات بين البحرين وجوارها من الدول التي تجاهر اميركا بعدائها لها ولا ترعوي عن تهديدها بالحرب والعمل العسكري المباشر بين الحين والاخر وفي طليعة هذه الدول تأتي ايران التي كان من المفترض ان ترتبط بالبحرين بعلاقات ايجابية جيدة تحقق مصحة الطرفين، لكن الوجود الاميركي اثر سلبا على هذا الشأن. ويمكن القول ببساطة ان الوجود الاميركي في البحرين لا يؤمن باي حال مصلحة عسكرية حقيقية لها ويعتبر انتهاكا للامن القومي للبحرين بشكل مؤكد.
اما الوجه الاخر، فيتمثل باقتحام قوات عسكرية خليجية شؤون البحرين الداخلية واستقدام اكثر من الف وخمسمائة جندي وضابط اكثريتهم من المملكة العربية السعودية ونشرهم في البلاد في مواجهة الشعب لمنعه من التعبير عن رأيه، وبهذا بات القرار العسكري والامني في البحرين موزعا بين اميركا والسعودية ولا تملك حكومة البحرين اكثر من سلطة شكلية في هذا المجال الامر الذي يجعل دولة البحرين بالمنطق العسكري ووفقا للقواعد المعمول بها في هذا الشأن دولة محتلة فاقدة السيادة وهذا ما يشكل تحديا صارخا للامن القومي في الوجه المادي الجغرافي.
- تحدي الامن الاجتماعي
قد يتقدم التحدي في مجال الامن الاجتماعي في البحرين على ما عداه من التحديات لما له من تأثير مباشر على الشعب البحريني في وجوده اولا ثم في فعالية هذا الوجود ربطا بممارسة الحقوق المتصلة بالفرد بصفته انسانا ومواطنا. وقد سجلت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان ولجان التحقيق التي اوفدت للبحرين للوقوف على اوضاعها سجلت كما هائلا من انتهاك حقوق الانسان وحذرت من انعكاس ذلك على مستقبل البلاد وشعبها.
وفي هذا المجال اصدرت منظمات حقوق الانسان الدولية اكثر من 176 توصية وجهتها لحكومة البحرين لمراجعة مواقفها واحترام حقوق الانسان في البلاد، بالاضافة الى لجنة بسيوني لتقصي الحقائق التي اكدت مظلومية الشعب ورأت وجوب مراجعة السياسات التي يعتمدها الملك وحكومته ولكن رغم ذلك امعن الحاكم في انتهاكاته لتلك الحقوق الى الحد الذي وصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حقوق الانسان في البحرين بانها “كئيبة” بعد ان وقفت على حالات الاعتقال التعسفي والاحتجاز الاعتباطي والتعذيب والنفي القسري، بالإضافة الى مجمل الافعال التي تفسد سكينة المجتمع وهناءه.
وفي الاونة الاخيرة ارتكبت سلطات البحرين ما من شأنه هدم المجتمع في البحرين بارتكاب اعمال قلما عرف التاريخ مثيلها ونذكر بصورة خاصة:
- اسقاط الجنسية عن المواطنين الاصليين لأسباب سياسية وسندا لانتمائهم المذهبي فقط. حيث يعمد حاكم البحرين لارتكاب هذا الفعل الذي يعتبر بنظر القانون الدولي وجها من وجوه الابادة التي تعتبر جريمة بحق الانسانية. سلوك لجأ اليه الحاكم رغم ان القانون الدولي لا يجيزه مطلقا. فالقانون الدولي يميز في مسألة الجنسية بين الاصلية والمكتسبة ويجيز التصرف بالثانية ويحظر كليا التصرف بالأولى. وتعتبر جنسية اصلية للفرد، الجنسية التي اكتسبها بشكل حكمي بمجرد ولادته (القاعدة هي ان لكل مولود جنسية اصلية واحدة على الاقل وتكون عادة جنسية الاب)، وتسبغ بعض الانظمة على المولود جنسية الام ايضا اضافة الى جنسية الاب ان اختلفت الجنسيتان ومنها ما يمنحه جنسية الدولة التي يولد في اقليمها. وكل جنسية ناشئة بالولادة حسب قانون الدولة تعتبر جنسية اصلية لا يجوز سحبها او اسقاطها وان سحبت لا يعتبر القرار بشأنها نافذا معمولا به بنظر القانون الدولي.
اما الجنسية المكتسبة فهي ما تمنحه دولة لأجنبي يحمل جنسية اصلية لدولة اخرى ويكون المنح وفقا للقانون الداخلي للدولة المانحة، وتكون هذه الجنسية عرضة للتصرف بالسحب والاسقاط وفقا للقانون المحلي الداخلي، خاصة اذا اخل المجنس بشروط اكتسابه للجنسية او ارتكب اعمال عدائية ضد الدولة المانحة منفردا او بالالتحاق بقوى معادية لها.
ونرى اقدام حاكم البحرين على اسقاط جنسية المواطنين الاصليين بمثابة النظر لهم على اساس انهم مجنسون متكسبون للجنسية وليسوا مواطنين اصليين من اهل البلاد وفي هذه النظرة بالذات تتمثل جريمة الابادة الجماعية المعنوية التي يجب ان يلاحق حاكم البحرين على اقترافها. ونلفت الى ان الضرر من سحب الجنسية لا يقتصر على من سحبت جنسيته فعلياً بل يتعداه ليشمل كل الشعب البحريني بشكل عام وكل ابناء الطائفة الاسلامية الشيعية المستهدفين بهذا الاجراء بشكل خاص. لهذا يوصف الفعل بانه ابادة جماعية معنوية تعادل في مخاطرها جريمة الابادة الجماعية المادية التي تتمثل بالقتل الجماعي والاقتلاع العام من ارض الاجداد. لان التصرف بهذه الذهنية يعتبر ضربا من ضروب اقتلاع الشعب من ارضه بشكل معنوي، يتيح الفرصة لإتمام الاقتلاع بالشكل المادي لان من اسقطت جنسيته لا يكون له الحق بان يقيم في ارض البحرين الا بترخيص من السلطة (حق اقامة وتأشيرة دخول ) ويكون اسقاط الجنسية الخطوة الاولى التي تمهد للثانية بطرد الشخص من البلاد.
- تجنيس الاجانب على اساس مذهبي من اجل التغيير الديموغرافي في الدولة لتشكيل اكثرية مذهبية معاكسة لما هو قائم اليوم.
يناهز سكان البحرين المليون نسمة ولا يوجد رقم قاطع موثوق به ويعتمد عليه ليحسم ذلك. و في احصاء رسمي اجرته الدولة في العام 2011 اعلن ان عدد السكان يومها 1.234.000 نسمة، لكن اغلب المتابعين العارفين بأمر البحرين يشككون بهذا الرقم ويقولون ان العدد الفعلي هو950.000 منهم 650.000 من الشيعة، و300.000 من السنة فتكون النسبة 69% شيعة و31% سنة، اما بطانة الملك فتقول بالاستناد الى احصاء الدولة ان الشيعة هم 620.000 وان السنة هم 614.000 اي ان النسبة 50.25% شيعة و49.75 سنة وهو قول لا يأخذ به احد من المطلعين المتابعين.
ومنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية بوجهه يعتمد الملك سياسة من شأنها التأثير على التركيبة السكانية للشعب بحيث تؤدي الى خفض عدد الشيعة ومنع نموهم، عبر سحب الجنسية او حملهم على الهجرة، وزيادة عدد السنة حتى يوازوا عدد الشيعة في مرحلة اولى ثم يتخطاه في مرحلة ثانية عبر استجلاب اجانب وتجنيسهم. ومن اجل ذلك تطلق حاشية الملك ارقاما ملفقة لأعداد الطائفتين وتصر على قيام توزان وهمي بينهما اليوم كما رأينا، وهم في الحقيقة يعلنون الرقم الذي يعملون للوصول اليه في المرحلة الاولى من عملية التغيير الديموغرافي التي ينفذها الحاكم، على ان تتبعها الخطوة الثانية لاحقا.
ويرى حاكم البحرين انه بحاجة الى تجنيس 350.000 شخص يوالونه ويعتنقون الاسلام على مذاهب اهل السنة والفقه الوهابي او حملهم على الاعتقاد بهذا الفقه ان كانوا من غير اتباعه. وهو يروج لإحصاء يضخمه وكأن التجنيس قد حصل.
ان لتجنيس الاجانب وبالشكل الجماعي الذي يحصل مخاطر وسلبيات كبيرة تمس صميم الامن الاجتماعي المتفرع عن الامن القومي للبلاد لان هذا التجنيس سيؤدي الى النتائج التالية:
- حرمان الشعب الاصلي من جزء من ثروته لمنحه لأجنبي جُنّس بشكل كيدي. وسيضيّق هذا الامر فرص العمل لأهل البلاد الاصليين ويخلق مزاحمة غير مشروعة في وطنهم بينهم وبين الغرباء الذين فرضوا عليه عبر هذا التجنيس المنفذ لأسباب سياسية، ما يدفعهم الى الهجرة القسرية طلبا للرزق او تحولهم الى العمل الانتقامي واللجوء الى القوة وهو ما يفسد الامن الداخلي للبلاد. ان ادخال اعداد كبيرة من الاجانب الى البلاد وجعلهم شركاء في ثروتها يتقدمون على اصحاب الثروة الاصليين من الشعب البحريني بسبب انتمائهم المذهبي، يعتبر انتهاكا للأمن القومي لما له من تداعيات سلبية واضحة.
- تحضير البيئة لحرب اهلية بين سكان البلاد الاصليين والوافدين المجنسين. ان تشكيل كتلة بشرية اجنبية تحظى بالرعاية والاحتضان من قبل السلطة ومرجحة على سكان البلاد الاصليين قد يدفع هؤلاء الى ممارسة القوة والعنف من اجل الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم المنتهكة، وسيجد المجنسون الطارئون على البحرين انفسهم في موقع التمسك بما اسبغ عليهم من مكاسب وخيرات نتيجة تجنيسهم فينبرون للدفاع عنها بشتى السبل وهنا يكون التجنيس بالشكل الخارج عن الاصول القانونية اقصر طريق للفتنة واضرام نار الحرب الاهلية في البلاد، ويكون الحاكم هو المتسبب بها عبر سياسته تلك.
- الاغراءات القطرية بتجنيس السنة من اهل البحرين. في الوقت الذي تسعى فيه البحرين لزيادة عدد السنة في البحرين نجد قطر قد فتحت قناة يتسرب منها المسلمون السنة من اهل البحرين الى الخارج عبر تجنيسهم فيها، في سلوك يفسره البعض بانه كيدي يأتي في معرض الصراع الاستراتيجي بين قطر والمملكة العربية السعودية التي تهيمن على البحرين.
ومع هذه الهجرة الجماعية والتجنيس بخلفيات مذهبية وسياسية، وربطا بجزئيات المشهد الاخرى المتصلة بتهميش الشيعة وحملهم على الهجرة واستقدام اجانب وتجنيسهم حتى من غير ان يكونوا من العرب نجد ان البحرين تواجه اخطر عملية اقتلاع للسكان في تاريخها وتتعرض الى عملية هدم ديموغرافي وزرع دم مغاير. وهوامر يهدد الهوية الوطنية والقومية و يتفرع عنه اكثر من تحدي في مجال الامن القومي. ما يذكر بمثلين في التاريخ المعاصر هما حالة جنوب افريقيا العنصرية مع حكومة البيض ضد السود، وحالة الكيان الاسرائيلي الذي اقتلع سكان البلاد الاصليين واستقدم اجانب من اقاصي العالم ليحلوهم مكانهم. وتتعرض البحرين اليوم لخطر مماثل عبر تهميش السكان الاصليين وطرد بعضهم لإحلال الاجنبي مكانهم في عمل يعتبر بحد ذاته احتلالا لأرض الغير لكن بالطريقة المدنية المستندة الى ذرائع قانونية واهية ويكون البحرين اذن امام احتلالين عسكري بقوات اميركية وسعودية ومدني بوافدين اجانب يزاحمون او يطردون اهالي البلاد الاصليين من ميادين العمل بشتى عناوينها ومصادر الثروة بشتى فروعها ويتربعون عليها بدلا منهم.
- تحدي الامن السياسي
قد يكون الاختلال السياسي وتفلت الحاكم من ضوابط الحكم العادل الرشيد هو اهم الاسباب التي دفعت شعب البحرين للثورة. لكن وبدل ان يشكل الحراك الشعبي حافزا للحاكم للإصلاح وفرصة لإعادة النظر بسياساته القائمة على التمييز والقمع، فقد أصر الحاكم على تلك السياسات واندفع في التشدد بتطبيقها سالكا الهروب الى الامام والتسويف ما ادى الى تعقيد الموقف.
ونعلم ان البحرين تعاني اولا من حرمان الاكثرية الشعبية فيها من المشاركة في القرار السياسي للدولة وتهميشها بشكل شبه كلي، فبالاضافة الى ان نظام الحكم ملكي وراثي ليس للشعب دور في اختيار الملك، فان الاخير احاط نفسه بفئة ضيقة من المواطنين اختارهم على اساس مذهبي (من الطائفة الاسلامية السنية) وابعد الباقيين الذين يشكلون 90% من الشعب (كامل الشيعة واغلبية السنة). ومن جهة اخرى يعاني الشيعة بشكل خاص من الابعاد عن الدوائر الرسمية وعن التوظيف في الدوائر الحساسة خاصة الامن والقوات المسلحة والشؤون الخارجية والمالية في ممارسة تقود الى اشهار عدم ثقة الحاكم بهم كمواطنين.
اضافة الى ذلك فقد تصاعدت الممارسات القمعية في البحرين ضد الاحزاب القائمة ومنعا لتشكل احزاب تحمل او تعبر عن النبض الشعبي، وفي هذا الامر كما ذكرنا وجه من وجوه انتهاك الامن السياسي.
نتيجة هذا الوضع الذي سببته سياسة المالك القائمة على التمييز والتهميش والاستئثار والقمع، استشرت في البحرين مشاعر المرارة، واتجه البعض الى التطرف في رفض الواقع، ورغم ان هذا التطرف لا زال حتى الان تحت السيطرة ولم ينقلب الى انفجار امني، فان السيطرة على الوضع لا يمكن ان تبقى مضمونة في ظل امعان الحاكم بسياسته الكيدية.
- تحدي الامن الاقتصادي
قد تكون التحديات الخارجية للأمن الاقتصادي في البحرين الاقل شأنا بين التحديات الاخرى وذلك بسبب فقر البحرين وعدم امتلاكها الثروات الطبيعية التي تجعلها محل مطامع الغير، لكن هذا الفقر يشكل بذاته تحدياً للدولة وشعبها الذي عليه ان يبحث عن اسس ارساء دورة اقتصادية فاعلة تعود عليه بموارد يحتاجها في مسار حياة كريمة شريفة وسط منطقة من الثراء الفاحش لدول نفطية ينضوي معها في مجلس التعاون الخليجي، لان الاخفاق في تلمس هذه الدورة الاقتصادية يضطر الدولة للاتكال على المساعدات الخارجية المشروطة التي ترهن قرارها وتؤدي الى استتباعها، اوالى اقتصاد الخدمات المقترن بالتخفف من المبادئ والقواعد الدينية والتراثية التي طالما فاخر البحارنة بالتزامها او بالاثنين معا كما هو حاصل الان في البحرين. حيث ان ملك البحرين استسهل الامر ودفع بالبحرين الى اقتصاد خدمات ترتسم حوله علامات الاستفهام، ومد اليد الى المساعدات التي لا تأتي تبرعا من غير شرط.
- تحدي الاستتباع والهيمنة الخارجية
تسعى الدول القوية عادة لامتلاك فضاء حيوي استراتيجي لتجعله حقلا لتنمية مصالحها وامنها عبر الحدود. ويتسع الفضاء الاستراتيجي للدولة بمقدار ما تمتلك من قوة وما تعتنق من افكار تتيح لها التمدد على حساب الغير واستتباعه او الهيمنة عليه حتى واحتلاله واستعماره. اما الدول الضعيفة فإنها لا تحلم بان يكون لها فضاء استراتيجي خارج حدودها وجل ما تطمح اليه هو ان لا يسيطر الخارج عليها ويحولها جزءا من فضائه الاستراتيجي. والبحرين من صنف الدول الضعيفة التي تظهر في موقع تتصارع عليه القوى الخارجية، كل يطمح لوضع اليد عليها وفي طليعة تلك الدول نجد من يمارس نوعا من الاحتلال العسكري لأرض البحرين كأميركا والسعودية كما ذكرنا اعلاه، ومنها ما يتهمه من احتل البحرين بانه يسعى لإلحاق البلاد به كما تتهم إيران. ومنه من يريد مواجهة الاخرين وتوجيه الرسائل لهم عبر البحرين كما هو حال قطر، ويبقى للعراق نصيب في هذا الصراع الاقليمي ينبثق عن الجغرافية السياسية التي تختص به.
ثالثاً: مواجهة تحديات الامن القومي البحريني
- ان دراسة معمقة لتحديات الامن القومي في البحريني تقود الى نتيجة شبه قاطعة لجهة تحديد مصادر المخاطر التي تتهدد هذا الامن بحيث يمكن حصرها بمصدرين اساسيين، داخلي ويتمثل بوجود سلطة استبدادية منفصلة عن شعبها، وخارجية تتمثل بمطامع قوى اقليمية ودولية تبتغي السيطرة المقنعة على البلاد واستتباعها او أكثر. وما لم تعالج الامور بشكل جدي يراعي المصلحة الوطنية للبحرين بشعبها الاصلي فان البلاد مهددة باللحاق بدول الحريق العربي التي انهار امنها وتشتت سلطتها واظلم مستقبلها.
ومع ان الثورة التي تشهدها البحرين منذ اكثر من ثلاث سنوات، استمرت حتى الان سلمية رغم فنون القمع التي مارسها الملك، فان مخاطر انزلاق الامور الى حرب اهلية نتيجة التغيير الديموغرافي الممنهج الذي يقوم به الحاكم هي مخاطر جدية.
وعلى مقلب اخر نجد ان فكرة الحاق البحرين بالسعودية بالضم النهائي او الارتباط السياسي مع حكم ذاتي محدود هي فكرة قد تصبح جدية في حال وجدت السعودية ان الرياح الاقليمية والدولية تلائم اشرعتها السياسية والعسكرية.
وفي كل الاحوال لا يمكن اسقاط مفاعيل الوجود العسكري الاميركي المباشر على ارض البحرين وما ينتجه من التحكم بالقرار السياسي والامني البحريني، لان اميركا ترى في هذا الوجود مصلحة تتصل بالأمن القومي الاميركي من خلال موقع الخليج برمته في منظومة هذا الامن، وبالتالي ليس من الموضوعية بمكان الان الحديث عن اخلاء البحرين من القواعد العسكرية الاميركية في ظل الاشتباكات الدولية القائمة والاقتراب اكثر فاكثر من مشهد الحرب الباردة دوليا بين اميركا والحلف الاطلسي واتباعها من جهة، وبين خصومهم ومن يدور في فلك هؤلاء الخصوم خاصة محور المقاومة الذي تشكل ايران ركيزة اساسية فيه، ومجموعة “البريكس” التي تشكل روسيا والصين طليعتها.
لذلك نرى ان على البحرين ان تواجه هذه التحديات التي قد تودي بها ان لم يستوعب الامر قبل فوات الاوان، اذ يخشى ان يستفيق شعب البحرين الاصلي يوما ويجد نفسه اقلية في وطنه، مهمشا مسلوب الحقوق، او ان يجد بلده باتت جزءا من المملكة العربية السعودية او مستعمرة لها او انقلب واقعه من دولة ذات سيادة الى مجرد قاعدة عسكرية للحلف الاطلسي ولأميركا تحديدا.
وبما ان الحاكم هو جزء رئيسي من مأساة البحرين ومنتج او مولد لأزماتها، فان الامن القومي للبحرين يصبح مسؤولية الشعب الذي يقوم بالثورة الاصلاحية الان، ومع التذكير بانه لا يوجد امن وطني من غير امن اقليمي ما يعني بان امن البحرين لن يتم احكامه قبل هدوء المنطقة واستعادتها امنها، وبالتالي سيكون ملف البحرين احد الملفات التي تطرح على طاولة التفاوض لترتيب شؤون المنطقة، وحتى حلول ذلك نرى ان يلجأ الى بعض التدابير الوقائية التي لا تحتمل التأخير وفقا لما يلي:
- رفض استراتيجية التغيير الديمغرافي التي يعتمدها الحاكم وعلى اتجاهات ثلاثة:
- أولا: اعتبار كل قرارات التجنيس بعد اندلاع الثورة قرارات باطلة، لانها جاءت بخلفية سياسية استراتيجية لتمس أصل وجود الشعب البحريني وتركيبته وتمس مباشرة الأمن القومي للدولة، وبالتالي يجب عدم الاعتداد بجنسية اي مجنس بعد هذا التاريخ. ويجب اعلان هذا الموقف واعتباره جزءا من مطالب المعارضة.
- ثانيا: اعتبار كافة قرارات اسقاط الجنسية عن البحارنة الاصليين قرارات باطلة في أصلها وتشكل نوعا من انواع جرائم الابادة الجماعية بوجهها المعنوي والسياسي ويتوجب ملاحقة مرتكبها امام المحاكم الدولية والهيئات الدولية التي تهتم بحقوق الانسان.
- ثالثا: احتفاظ افراد البحرين بجنسيتهم الاصلية في حال اكتسابهم جنسية بلد آخر.
- الحؤول دون تغيير الواقع السياسي للبحرين، والاصرار على بقائه دولة مستقلة ذات سيادة. إذ ينبغي ان تؤكد المعارضة على رفضها لأي مسعى يهدف الى تمكين السعودية من ابتلاع البحرين باي صيغة من الصيغ لان هذا الامر سيفقد البحرين سيادتها وسيضيع على شعب البحرين فرصه وسيعدم الاكثرية الديمغرافية الحالية لينتج واقعا سياسيا جديدا معاكسا لمصالحها.
- مواصلة الضغط السلمي على الحاكم من اجل التفاوض الجدي تلمسا لحل سلمي للازمة.
لا يمكن مواجهة التحديات الجدية للأمن القومي في البحرين في ظل حاكم هو انتج معظمها. لذلك ان الخطوة الاولى في العلاج تبدأ من عتبة قصر الحاكم مع الحذر الشديد من الانزلاق الى العنف وهو امنية الملك، او الوقوع في خنادق الحرب الاهلية وهو ما يناقض مصلحة البحرين وامنها القومي.
ولأجل ذلك يجب تشديد الضغط السلمي على الملك لإجباره على الدخول في مسيرة اصلاحية تغل يده عن افساد الامن القومي للدولة.
- ترقب مسار الحركة في المنطقة والتناغم مع مفرداتها واستغلال ما ينجم عنها في كل مرة تأتي هذه الحركة في غير صالح السعودية ومحورها الاستراتيجي الذي يعتبر ملك البحرين جزءا منها الان.
- السعي لبناء دورة اقتصاد انتاجي تخفف الارتكاز على قطاع الخدمات وتفلت من الارتهان لمانحي المساعدات، وتمكن من التشبث اكثر بالقواعد التي قام عليها تاريخيا المجتمع البحريني.