1.مقدمة
أمام كل انتخابات رسمية تستعيد الساحة البحرينية جدلها الدائم حول المشاركة والمقاطعة، الحجج والعناوين تكاد تكون هي نفسها منذ الإعلان عن أول انتخابات في 1972 بعد استقلال البحرين في أغسطس 1971 حيث قاطعت القوى السياسية ممثلة في التيارات اليسارية آنذاك انتخابات المجلس التاسيسي تلاها انفراط خيط المقاطعة في انتخابات المجلس الوطني 1974 بمشاركة جبهة التحرير الوطني البحرانية وبقاء الجبهة الشعبية متمسكة بخيار المقاطعة.
المشاهد السياسية تكررت في انتخابات 2002 والانتخابات اللاحقة عليها. جدلية المشاركة والمقاطعة لم تكن تقتصر على مرحلة دولة الاستقلال بل إن الحوادث التاريخية تشير إلى مقاطعة انتخابات مجالس المعارف والبلدية والصحة في خسمينات القرن المنصرم ايضا حيث قاطعت قوى المعارضة تلك الانتخابات لكونها اتت في سياق مضاد لسياق المطالبة الشعبية بالديمقراطية والمجلس التشريعي المنتخب.
وهذا يعني اولا أن مقاطعة الانتخابات في البحرين تمتلك تراكما تاريخيا عمره أكثر من خمسة عقود وثانيا انها دعوة غالبا ما تأتي في سياق مناهضة المشاريع المضادة للمشاريع الشعبية والسياسية المحصنة بالإرادة الشعبية. وبالتالي فإن مقاطعة الانتخابات عادة ما تكون معبرة عن موقف سياسي في سياق أكبر من جزئية المشاركة في مؤسسات هيكلية.
2.اللعبة الانتخابية ودودة القز
في السياق نفسه فإن موقف السلطة السياسية البحرينية من دعوات المقاطعة يكاد يكون ثابتا أيضا بل إنه أشد تماسكا ففي حالات توجهالنظام السياسي إلى عقد انتخابات فهو يجريها بناءً على طريقته في عقدها وتشكيلها واستعداده لقبول مخرجاتها. وهذا يشير الى احد أهم الابعاد الجوهرية في لعبة الانتخابات في البحرين على ضوء المقاطعة والمشاركة. فهناك لعبة انتخابية تكون السلطة فيها اللاعب الاكثر حظا في الفوز والضمان الوحيد للمخرجات في حين تكون المعارضة مناضلة في مطالبها قنوعة بإنجازاتها يصعب عليها الخروج عن النصوص المرسومة والمفروضة في اللعبة الانتخابية. الخروج على قواعد تلك اللعبة يقع من كلا الطرفين فالمعارضة تلجأ إلى المقاطعة من أجل تحسين فرص فوزها وزيادة حصتها من القوة السياسية وهي تعبر عن هذا الخروج في شكل مقاطعة للانتخابات لكنها سرعان ما تجد نفسها مجبرة على الدخول مرة أخرى في اللعبة وإن بقواعد مختلفة لكنها غير مؤثرة في أصول اللعبة الانتخابية.
بدورها تجد السلطة نفسها مضطرة لأن تنهي اللعبة في أقرب وقت ممكن باعتبار أن الممارسة السياسية بطبيعتها قابلة للارتقاء والتطور وهو ما يحمل في طياته صعوبة اتمام السيطرة والهيمنة في المجال السياسي المحدود اصلا. معنى ذلك أن اللعبة الانتخابية أيا كانت قواعدها تشابه دورة تكامل دودة القز التي تحمي نفسها في طورها الشرنقي بخيوط الحرير ولكنها تتخلص منها بعد اشتدادها وتطورها التكويني. ونتيجة لذلك تسعى السلطة لإنهاء اللعبة قبل اكتمال الدورة الطبيعة للمؤسسات السياسية وتفرض بإرادتها إعادة اللعبة مجددا لتبقى مسيطرة على خيوط الحرير وفي الوقت نفسه قادرة على إنهاء حياة المعارضة التي هي كدودة القز قبل نموها وتطورها.
ربما يدفعنا ذلك إلى إعادة النظر في جدوى التقييم والمراجعة التي تظهر الدعوة لها بعد كل فصل من فصول اللعبة الانتخابية وتفسير النتائج دون الأخذ بعين الاعتبار أن كل تلك التراكمات لم تكن تعبر عن نهاية طبيعية للعبة الانتخابات والتي من ضمنها طريقة المقاطعة، لدرجة أن الدوائر الرسمية باتت تأخذ دعوى المقاطعة بغير اعتبار وهذا ما اشار اليه وزير العدل البحريني في أغسطس 2011 اثناء التحضير للانتخابات التكميلية حيث علق على قرار مقاطعة جمعيات للانتخابات التكميلية، “إن التاريخ يعيد نفسه عندما قاطعت جمعيات انتخابات 2002 وقامت بتصحيح خطأها في 2006″، فلكي تحرم الصياد من الحرير فعليك أولا أن تحرمه من الشرنقات نهائيا وتستمر في ذلك الحرمان ليكون في نهاية المطاف مضطرا لأن يعيد النظر في قواعد اللعبة لا ان يعيد اللعبة نفسها.
3.انتخابات 2014 عنوان بلا هوية
تأتي انتخابات 2014 ضمن إطار أكبر من الإطار السياسي الذي كانت ىعليه أغلب الانتخابات السابقة، فإلى جانب الخيار السياسي هناك الإرث الاجتماعي والتراكم الذي خلقته ثورة 14 فبراير الأمر الذي يجعل من الخيار السياسي جزءا ضئيلا ومتناهيا في الصغر أمام الاستحقاقات الاجتماعية والسياسية. ويكاد توصيف المناضل ابراهيم شريف لمجلس النواب وفق معطيات العملية السياسية الحالية صائبا ودقيقا فهو عنوان ديمقراطي كبير ولكن لا هوية له تسنده أو يمكن الرجوع إليها.
إن العملية الانتخابية في مثل هذا السياق لا تأتي للتعبير عن تماسك المسار الديمقراطي والرغبة في ترسيخ القواعد العامة والاساسية للديمقراطية بحيث تصبح الديمقراطية اللعبة الوحيدة في المدنية، ونتيجة لذلك تتحول الانتخابات لبناء شكلي يعبر عن خيارات شبه محكمة وعن استراتيجية مضادة للديمقراطية تتسق والبناء التقليدي للدولة ولنظام الحكم وهذا ما يفقدها هويتها ويبقي على عنوانها الديمقراطي فقط.
من منظور الواقعية السياسية فإن الانتخابات النيابية المقرر عقدها في اكتوبر 2014 يجب ان تعبر عن قوة النظام وقوة حلفائه ولو تتطلب الأمر انتهاج سلوك هجومي كما فعل المحافظون الجدد بعد أحداث 11 سبتمبر. وبالتالي فإن استحضار مواقف الحكومة وحلفائها ” الزبائن الدائمين” او من الجمعيات السياسية والشخصيات المستقلة ” الزبائن المروضين” يشير إلى أن الحكومة والنظام السياسي يسوقون للانتخابات المقبلة على أنها مساحة من الصراع على الديمقراطية وحق احتكار تعريفها وتطبيقها.
وبالرغم من وجود هذه الأرضية في كل الانتخابات السابقة، إلا أن الجديد في انتخابات 2014 هو عودة الأنظمة القديمة في العالم العربي للواجهة السياسية وبروزها بشكل مناهض لأي تحريك ديمقراطي حتى ولو تطلب الأمر مواجهة المجتمع الدولي. والشاهد هنا هو تبني نظام الحكم في البحرين لمخرجات النظام المصري الجديد وإعجابه بمواقفه المناهضة لأي ضغط دولي. فنظام عبد الفتاح السيسي العسكري في مصر يقوم على فرضية فرض الأمر الواقع عبر الاستدارة الدولية ناحية الدول الأكثر استبدادا وتخوفا من الديمقراطية. وقد سار نظام السيسي بخطوات واثقة في تقديم مئات الناشطين لأحكام الاعدام والاعتقال لآلاف آخرين دون اكتراث لأي منظمة حقوقية أو دعوات دولية وبالمثل لم يخفِ نظام السيسي تمسكه بالاستبداد الانتخابي مهما كانت المؤاخذات الديمقراطية على عملية الانتخابات.
مثل هذه الرعونة السياسية تمثل وصفة جاهزة للأنظمة العربية الأخرى واستخدامها في انجاز مشاريعها المختلفة والتي لا تحتوى أبدا على مشروع تنموي للديمقراطي. وبالرجوع لمواقف الحكومة البحرينية يمكن ملاحظة معدل الاستنساخ لتجربة نظام السيسي ومقدار التشابه بينهما فكلاهما مدعوم بوفرة مالية شبه مفتوحة من قبل السعودية والامارات وكلاهما ينتهجان طريقة الاستدارة في العلاقات لتخفيف الضغط الدولي والامريكي على وجه الخصوص وأخيرا فإن كلاهما يقدمان على ما يرغبان به من إكراه سياسي دون خشية أو تردد.
فعلى سبيل المثال توعد وزير العدل البحريني خالد بن علي آل خليفة في مايو 2013 الداعين لمقاطعة الانتخابات بمواجهتهم بكل حزم وقوة [1]وقال اليوم في تصريح نقلته وكالة أنباء البحرين الرسمية «بنا» رداً على خطاب لأمين عام «الوفاق» الشيخ علي سلمان دعا فيه إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة بقوة «إن التحريض على استهداف عملية الانتخابات القادمة للفصل التشريعي الرابع من خلال استنساخ حالة العنف والفوضى والخروج على القانون التي شهدتها مملكة البحرين خلال فترة فبراير/ شباط 2011، سيواجه بكل حزم وبقوة القانون».على حد تعبيره.واعتبر أن «الدعوة إلى تعطيل الانتخابات جريمة يُعاقب عليها قانوناً».وكان الوزير نفسه قد قال في مؤتمر صحفي تناول فيه آخر التحضيرات للانتخابات التكميلية التي أجريت في سبتمر 2011 حول نسب المشاركة ” نحن غير معنيين بالنسب ولا نريد اللعب بالأرقام”[2] ونتيجة لذلك صرح رئيس هيئة التشريع والافتاء في أغسطس 2014 “بأن الحكومة جاهزة لإجراء الانتخابات وأن سفينة المشروع الإصلاحي ماضية في طريقها بكل اقتدار مؤكدا أن الانتخابات تعقد على ضوء ” أعلى معايير الشفافية والنزاهة والحيادية في الانتخابات المقبلة، وذلك على غرار الانتخابات السابقة التي حظيت بشهادة واسعة، وأن الامر ينتظر صدور الأمر الملكي السامي بشأن تحديد ميعاد الانتخاب[3]، وبمجرد صدوره فإننا جاهزون لتنظيم الانتخابات في مختلف مراحلها الاساسية.. وعن وجود بعض الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات المقبلة، أكد أن مثل تلك الدعوات لم تمنع جموع الناخبين من أداء حقهم الانتخابي في السابق، حيث كانت نسب المشاركة مرتفعة وعالية، واعتبرها دعوة للعودة إلى الوراء، وليس لها مكان بيننا وليست مقبولة، وعلى الجميع أن يحاول التغيير من خلال المؤسسات الدستورية، مضيفاً “نتطلع الى مشاركة الجميع في هذا الاستحقاق الدستوري”. فمثل هذه التصريحات وان كان بالإمكان تصنيفها على أنها خطابات إنشائية للاستهلاك العمومي لكنها تبين بوضوح الاسس الخاصة باستراتيجيات النظام وخياراته السياسية إزاء إدارة الازمات السياسية، وهي نفسها الاسس التي سبق وان استعرضناها في النظام المصري الجديد.
4.اتجاهات المشاركة وتجديد الهوية
تختلف خلفيات دعوات المشاركة في انتخابات 2014 باختلاف الموقف العام من النظام السياسي وبالاختلاف حول سبل التعاطي مع ما يطلق عليه باعادة انتاج النظام لنفسه ولهويته السياسية. يضاف لذلك البعد الطائفي الذي يشكل بعدا محورا في أغلب الانتخابات السابقة ويزداد حضورا في انتخابات 2014 .
فمشاركة الجمعيات السياسية الموالية والموالين للنظام تأتي على خلفية الرضا والقبول بمخرجات النظام أيا كانت، عملا بمنطق الزبائنية السياسية. فالمشاركة هنا هي عربون صفقة اقتصادية أو سياسية وليست تعبيرا عن خيار سياسي مستقل لذا فإن الاهتمام بالانتخابات والمشاركة فيها تعتبر طقوسا مفروضة عليهم ولديهم القابلية للارتداد عنها متى ما قرر النظام ذلك كما في قرار الحكومة بإلغاء انتخابات المجلس البلدي لمحافظة العاصمة وظهور دعوات مشابهة لإلغاء انتخابات البلدية في محافظة المحرق [5] ، ولو قررت الحكومة إلغاء الانتخابات النيابية فلن يكون موقف هذه الجمعيات خارجا عن تبريرات النظام ومباركة خطواته.
بجانب هؤلاء المضمونة مشاركتهم تنشط – كعادة اية انتخابات – دعوات المشاركة في انتخابات 2014 في صفوف وقواعد قوى المعارضة عموما والقوى الشيعية على وجه الخصوص مستفيدة من مقاطعة القوى السياسية المعارضة للانتخابات وانعدام التنافسية الانتخابية. وترى هذه الاوساط أن هناك فرصة سياسية من شأنها تقوية الاتجاهات المستقلة عن الجمعيات السياسية الكبرى والمهيمنة على توجهات الناخبين.
والحال فإن الداعين للمشاركة والرافضين لفكرة المقاطعة ليسوا كتلة صماء ولا يمكن المساواة بينهم فإلى جانب فئات الزبائن الدائمين والزبائين المروضين هناك من السياسيين من يدافع عن فكرة المشاركة انطلاقا من ضرورة إعادة تقييم الوضع السياسي لجسم المعارضة ومحاولة الاستفادة من الثغرات التي تخلقها العملية الانتخابية في تقوية المطالب الديمقراطية. خصوصا وأن النظام لن يكون معنيا بنتائج الانتخابات الرقمية من حيث تدني نسبة الانتخاب وهذا يعني أن هناك حاجة لاحياء الازمة داخل مؤسسات النظام الرسمية . وهنا يمكن تلمس ثلاثة مبرارت رئيسية:
الاول: أن الوضع السياسي الحالي أشبه ما يكون بالوضع الجامد وأن استمرار الحراك بنفس هذه الوتيرة يعني مزيدا من الخسائر السياسية والاجتماعية لقواعد المعارضة. ويتطلب تحريك الجمود نوعا من المغامرة السياسية ممثلة في استغلال الانتخابات والعودة لحلول تفاوضية للأزمة المستمرة.
الثاني: أن المقاطعة تعني ملء الفراغ بنواب صدفة تكرارا لكارثة مجلس 2010 وما قد ينتجه من قوانين كارثية.
الثالث: ان المقاطعة في ظل الاوضاع المحتقنة طائفيا ستدفع بمرشحين سنة للفوز في دوائر شيعية خالصة وهذا يتسبب في تمرير التنميط الديمغرافي الذي يخدم توجهات السلطة.
وتحت هذه المبرارات تظهر صيغ مختلفة توافقية مثل صيغة الدخول بمرشحين من الصف الثاني أو الثالث للجمعيات السياسية المعارضة أو صيغة الدعم غير المباشر لشخصيات مستقلة يمكن التنسيق معها لاحقا لاتخاذ مواقف سياسية داخل مجلس النواب.هذه المبررات وحسب الداعين للمشاركة من شانها أن تحقق أحد المكاسب التالية:
الاول مدخل أولي لحل الأزمة القائمة عبر إبداء حسن النوايا والاحتفاظ بماء الوجه لكلا الطرفين عبر تقديم تنازلات شكلية تفضي لحلول توافقية لاحقا.
الثاني الاستفادة من الموقع البرلماني في التواصل والتأثير في المزاج الدولي والمنظمات الدولية التي تفضل التعامل مع مواقع رسمية على المواقع الشعبية أو من هي خارج الإطار الرسمي.
الثالث امتلاك الفرصة لتخريب المشروع السياسي للنظام والمشاغبة عليه في استراتيجياته وخططه والاستفادة من مجلس النواب كصوت إعلامي اقوى من صوت الشارع واستغلال الحماية البرلمانية في هذا الشأن.
وبما أننا لسنا في وارد الدفاع عن اي خيار سياسي، إلا أن الأكثر بروزا هنا أن دعوة المشاركة هذه رغم اختلاف أرضيتها وخلفيتها لكنها في نهاية المطاف تسهم في إعادة تجديد هوية النظام الحالي وترسيخ لعبة دودة القز ولو كانت مببراتها حسنة النية.
إن مازق هذه المبررات والمكاسب المتخيلة أنها استخدمت في انتخابات 2006 وانتخابات 2010 ولم تكن ذات اثر بل على العكس من ذلك تسببت في حدوث انقسام وتصدع داخل جسم المعارضة واستفاد النظام من ذلك الانقسام أكثر من استفادة المعارضة. إضافة لذلك فإن انتخابات 2014 تأتي في أجواء مختلفة تماما عن كل الانتخابات السابقة التي يمكن القول بأن المشاركة والمقاطعة كانت خيارات سياسية خالية من أزمات اجتماعية أو سياسية خانقة كالتي تولدت بعد 14 فبراير 2011. فالاسباب التي دعت كتلة الوفاق المعبرة عن المعارضة للاستقالة من مجلس 2010 هي نفسها التي دعتها لمقاطعة الانتخابات التكميلية وهي اسباب لا تزال مستمرة أيضا في انتخابات 2014. وبالتالي فإن المشاركة في أي انتخابات سوف تفسر وتفهم حصريا على أنها دعوة صريحة لانهاء ثورة 14 فبراير والدخول في الفلك الرسمي دون الحصول على مقابل سوى التضحيات ومئات المعتقلين وعشرات الشهداء.
5.المقاطعة تصفير اللجان وعودة السياسي
إزاء ما تردد من دخول قوى المعارضة في المشاركة الانتخابية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حسمت بيانات قادة المعارضة ذلك عبر تأكيد تلك القيادات قرار المقاطعة وشددت المرجعيات الدينية البحرينية على قرار المقاطعة بما لا يدع مجالا للمشاركة إلا اذا استجاب النظام لمطالب سبق للمعارضة أن تقدمت بها كشروط للمشاركة. فقد أكد الشيخ عيسى قاسم في خطابه يوم الجمعة الموافق 12 سبتمر 2014 على أن ” البداية الصحيحة تعتمد على قانون إنتخابي يأخذ بإرادة الشعب لأنه هو المنتخب، والمجلس الإنتخابي إنما هو لتمثيله، وقبل أن تتكون الجهة التمثيلية للشعب عن طريق الانتخاب يكون النظام الإنتخابي متوافقا عليه بين المعارضة التي يرى فيها الشعب تمثيلاً له وبين جهة التنفيذ وهي الحكومة.. وما لم يكن ذلك تكون الانتخابات فاقدة لبدايتها الصحيحة”. واضاف أن هذه هي الانتخابات التي يمكن أن لها أن تنتج النتيجة التي يتطلع لها الشعب” . وعن دعوات المشاركة ضمن الاجواء الحالية صعّد الشيخ عيسى من لهجة الخطاب بقوله “هل يشارك الشعب في الانتخابات ليعلن الشرعية القانونية كاذبا على نفسه، لانتخابات خط لها أن توصل أغلبية من موالاة الحكم للمقاعد النيابية، وآخرين من نواب الدينار والراتب الباذخ والتسلق للمناصب على حساب مصلحة الشعب، حيث يقدمونها ثمناً لما يطمحون إليه من مال ومناصب؟! إذا ليس هو الشعب الواعي ولا الشعب الذي يحس بآلامه ويعرف مصلحته من مضرته، وهذا الشعب ليس كذلك”[5]
أما أمين عام جمعية الوفاق فقد أعاد شروط المشاركة في الانتخابات بقبول السلطة بمجلس نواب كامل الصلاحيات بالإضافة إلى تعديل الدوائر الانتخابية وفق نظام صوت لكل مواطن وإصلاح القضاء” إذ أن “المشكلة هي غياب الديمقراطية وتغييب الإرادة الشعبية عن السلطات الثلاث، ففي البحرين، الشعب لا ينتحب السلطة التنفيذية، وينتخب نصف السلطة التشريعية التي يتم تعيين النصف الآخر منها وللمعين الغلبة”إن المعارضة ستقاطع الانتخابات المقبلة “مقاطعة تامة شاملة” في حال لم يحدث توافق سياسي وإصلاح جدي.وخلال خطبة الجمعة 12 سبتمبر/ أيلول قال “أفكار قديمة وحديثة طرحت عام 2002 و2006 و2010 وهي طبيعية أن تطرح في 2014 ودرسناها في كل مرة وأعلق عليها”.وأوضح “ما تقود إليه دراستنا في كل هذه السنوات أن سلبيات هذه الفكرة (فكرة المشاركة لإيجاد صوت من الداخل) أكثر من إيجابياتها فهي تضعف فكرة المقاطعة السياسية والمراد منها ودلالتها، وتساهم في إرباك الجمهور والموقف السياسي مما يضعف قضية كبرى لحسابات جزئية صغيرة قليلة الفائدة”.وتابع “فكرة المشاركة إيجاد صوت مشاغب وهي فائدة محدودة ولا تستحق هذا الإرباك وهذا التشويش، لذا فالموقف ما لم يحدث توافق سياسي وإصلاح جدي هو المقاطعة التامة الشاملة التي تجعل ممن يمشارك في هذه الانتخابات منسلخا من هذا الشعب وإرادته والتغيير والإصلاح السياسي وتجعله منبوذا اجتماعيا بلا عدوان ولا تعدٍ على أحد”
6.هوامش
1.وزير العدل يتوعّد الداعين لمقاطعة انتخابات 2014 بمواجهتهم بـ«حزم وقوة ” (www.bahrain.shafaqna.com/ar ) الأحد, 12 مايو 2013
2.وزير العدل لوكالة أنباء البحرين: إجراء الإنتخابات التكميلية يؤكد أن مسيرة الإصلاح والديمقراطية ماضية بكل عزم وثبات ومن يقرر المقاطعة فهذا شأنه 12 أغسطس / بنا /
3.”وفقاً للدستور فإن مدة مجلس النواب هي أربع سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له وتجرى في خلال الشهور الأربعة الأخيرة من تلك المدة انتخابات المجلس الجديد”.
4.”تجمع الوحدة” يؤيد إلغاء “بلدي العاصمة” ويرفض إحداث ذلك في المحرق (http://manamavoice.com/index.php?plugin=news&act=news_read&id=21041 )
– ميلاد: خطاب للعاهل عن إلغاء «بلدي المنامة»… والرميحي: يجب إبعاد العاصمة عن التجاذبات السياسية (صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4289 – الخميس 05 يونيو 2014م )
5.الشيخ عيسى احمد قاسم خطبة صلاة الجمعة في جامع الامام الصادق- الداراز- 12 سبتمبر 2014