الحلقة الثانية، ضمن ملف: الوفاق.. من المشاركة إلى المقاطعة
حوار مع جواد فيروز – عضو في البرلمان البحريني سابقا.
أجرى الحوار عباس بوصفوان.
هذه حلقة ثانية من ملف الوفاق من المقاطعة إلى المشاركة، في هذه السلسة التي نستضيف فيها الأستاذ جواد فيروز النائب الوفاقيّ السابق.
في هذه الحلقة سوف نتحدث عن الأسباب التي أدّت بجمعية الوفاق المعارضة، كبرى الجمعيات المعارضة في البحرين إلى المشاركة في الإنتخابات النيابية التي جرت في ٢٠٠٦ بعد أن قاطعت الإنتخابات في ٢٠٠٢.
. ما الذي تغير في هذه السنوات بين ٢٠٠٢و ٢٠٠٦ حتى تتهيأ الظروف لاختيار مسار آخر هذه المرة وهو الانخراط في العملية السياسية وفي العملية الانتخابية؟
ـ يتفق الجميع على أنّ مبدأ المشاركة هو الأساس لتحقيق أو ضمان الحقوق المدنية والسياسية والمقاطعة هي أداة للضغط أو لتقديم اعتراض، المشاركة لم تكن من أجل المشاركة، إنما لأجل تحقيق الحقوق والمكتسبات، وعندما قاطعت الوفاق بما في ذلك عدد من جمعيات المعارضة فإنهم سلكوا مسلكاً معيّناً لإيجاد ضغط من الشارع من خلال ماسمي بالمؤتمر الدستوري، ولكن كان من الواضح جدا بأن هذه الأداة ليست كافية لممارسة الضغط على السلطة لتغيير مسارها ومن ثم التوافق مجدداً على دستور عقدي ومن ثم التراجع عن ماحصل في٢٠٠٢ – 2014 ذاك هو العامل الأول.
العامل الثاني: نجاح الوفاق في العمل البلدي، كان مؤشرا واضحا، سواءً من خلال الانخراط في مؤسسات النظام أو من خلال تواصل النظام الذي مكّن من تحقيق مكاسب جيدة وملموسة لدى الناس، ومن ثم شكل نوعاً من الغطاء السياسي، والغطاء البلدي في ذلك الوقت، وكان لذلك حالة من الرمزية بحيث رسخ آفاقاً للعلاقات الدولية.
العامل الثالث: يكمن في كون المقاطعة ” تكتيكاً ” وليس خطوة إسراتيجية بحيث أنّنا لم نكن ملزمين بتطبيق نفس الأسلوب على مختلف المراحل الزمنية، وفي رأيي فإن العامل الأكبر هو دخول أطراف دولية على الخط، وإعطاء نوع من الضمانة بأنّ تحقيق المطلب الرئيس من أجل المقاطعة هو الوصول إلى التوافق الدستوري من أجل تحقيق إصلاح جذري دستوري يمكن تحقيقه من خلال المشاركة ومن خلال العمل النيابيّ، وكامن هناك أطراف في الدولة وتحديداً في الديوان الملكي.
. نعرف أنّ جمعيات المعارضة من خلال بعض اللقاءات ومن خلال أطراف بلدية كان لهم صفة رسمية ويتواصلون مع مؤسسات الدولة بما في ذلك الديوان الملكي من أجل تسهيل بعض الخدمات … هل تذكر مشهداً معيناً ؟
ـ أنا شخصيا لم أحضر تلك اللقاءات، لكنّ عدداً من البلديين أو رؤساء المجالس البلدية أوصلوا مثل تلك الرسائل وأنّ أطرافاً من الديوان ومنهم ولي العهد أكدوا على استعدادهم في النظر إلى موضوع التعديلات الدستورية بالإضافة إلى النظر في التوافق الدستوري في حال المشاركة، وفي حال وجود رغبة نيابية من خلال الكتل ومن خلال أعضاء المجلس النيابي، وهذا الأمر تم تدعيمه من خلال موقف أمريكي وموقف بريطاني بالإضافة لدعم الإتحاد الأروبي .
. ماذا تقصد بموقف أمريكي وموقف بريطاني؟
ـ بمعنى أنهم قالوا للمعارضة: شاركوا ونحن سندعمكم في وجود رغبة أو تقديم تعديل دستوري، ونحن نعتقد بأن موقعكم سيكون أقوى في حال المشاركة بتحقيق هذا المطلب ومن ثم نرى بأن حواركم مع السلطة لا سيّما في موضوع التعديلات الدستورية سيكون مقبولا بشكل أكبر لدى النظام فكان نوعاً من التأييد والدعم، بالتأكيد هم كانوا مع المشاركة منذ البداية وكانوا يضغطون بمختلف الوسائل بما في ذلك التحرك من قبل ما سمي بالمعهد الديموقراطيNDI لأنه كان نوعا من أداة ضاغطة على المعارضة من خلال إطلاعها على التجارب النيابية للمعارضة في بعض الدول كالمغرب، وقد نظم المعهد الديمقراطي الأمريكي رحلة لعدد من الشخصيات المعارضة، وكنت أحدهم وكان من بينهم الأستاذ حسن مشيمع لنطّلع على التجربة النيابية للمعارضة التي كانت مقاطعة وكانت في صراع مع الحكم ومن ثم انخرطت في العملية السياسية وأصبحوا في الصفوف التنفيذية وكانوا مُأثرين حتى على مستوى رئاسة الوزراء، وكان الهدف تقديم تجارب ناجحة لتتحول المعارضة من المقاطعة إلى المشاركة وبالتالي تكون مكاسبها أكثر، بالفعل كان هناك تحول في الرأي العام وفي الشارع الذي بدأ يتحول أكثر وأكثر الى قبول فكرة المشاركة بعد أن كانوا متمسكين بالمقاطعة في عام 2000 ، وهنا لابد من الإشارة إلى موقف آية الله الشيخ عيسى قاسم، فقد كان رأيه مع المشاركة في ٢٠٠٢ ولكنه لم يطرحه ولم يتبناه ولم يدعمه بقوة، إنما كان رأياً شخصياً وفي الإطار الخاص، وأعتقد أنّ موقف الشيخ علي السلمان في ٢٠٠٢ وتبنيه للمشاركة كان بناءً على إطلاعه الخاص على رأي الشيخ عيسى قاسم وعلى إثر ذلك كان الشيخ عيسى قاسم في ٢٠٠٥ أجرأ وأكثر صراحة في موضوع تبني رأي المشاركة، كل تلك العوامل أدت الى تغير الرأي.
. إذاً تولد لأسباب كثيرة إنطباعاً لدى القوى السياسية ولدى الوفاق تحديدا بمسألة إمكانية التغيير من الداخل، لكن السؤال الرئيس هنا أن شيئاً لم يتغير في تشكيلة المؤسسة التشريعية التي تمت مقاطعتها، ومن ناحية أخرى فإن الأسس التي تمت المقاطعة على أساسها في ٢٠٠٢ لم تتغير، يعني أن الدستور مازال ذاته ومازالت الصلاحيات منتقصة للمؤسسة التشريعية، لكن النقطة الثانية هي الوعود وقد قاطعت الوفاق الإنخابات النيابية لأن الملك (السلطة) لم تلتزم بالوعد التي كانت قطعتها على نفسها في ٢٠٠٢ وربما هذا في ٢٠٠١ في الميثاق حيث وعدت أن الدستور سيلتزم بالضوابط التي يفترض أن تكون في دستور ١٩٧٣وتكون المرجعية الأساسية في الصلاحيات التشريعية للمؤسسة المنتخبة ولكن يبدو أن تداعيات كبيرة حدثت بسبب المشاركة وهي مسألة انفصال جناح من الوفاق تمثل في الأستاذ عبد الوهاب حسين والأستاذ حسن مشيمع فما تعليقكم؟
ـ قبل التعليق على هذا الأمر أود الإشارة إلى مسألتين أساسيتين كان لهما دور مشجع في موضوع المشاركة، المسألة الأولى: حادثة إقتحام عدد من المتضاهرين على السفارة الأمريكية ،كما يعلم الجميع أن شارع البحرين متفاعل مع أحداث الأقصى وأحداث فلسطين وفي ذاك الحين ونحن في ٢٠٠١ كانت هناك مسيرة جماعية داعمة الى القضية الفلسطينية واستطاع الجماهير أن الوصول إلى السفارة الأمريكية حتى رفع علم حزب الله على مبنى السفارة وكان الغريب في الأمر وجود سياج أمني كبير في محيط السفارة منذ تحرك المسيرة، ولكن تفاجئنا بإزالة تلك الحواجز الأمنية والأسلاك الشائكة مع قرب وصول المسيرة إلى السفارة بحيث كان الطريق ممهد إلى المتجمهرين والمتظاهرين للوصول إلى السفارة ولم تتدخل القوات الأمنية حتى وصل الأمر بأن تكون هناك مواجهة بين الحرس الخاص بالسفارة والمتجمهرين ..
. وهل كان ذلك مقصوداً؟
ـ بالطبع وأدى الى استشهاد أحد المتظاهرين وهو محمد جمعة، وهنا تأكد لاحقا أن السلطة أرادت أن توصل رسالة واضحة إلى الإدارة الأمريكية بأن هذا الشارع وهذا الطيف وهذا التيار وهذه المعارضة موقفها معارض تماما ومخالف إلى الإدارة الأمريكية في البحرين وممكن أن تعتدي على السفارة الأمريكية، لذلك هم ليسوا في السلطة الآن وليسوا في المجلس النيابي وهذا حالهم، فكيف سيكون موقفهم إذا وصلوا إلى سدة القرار، وبذلك تسطيع الحكومة تعزيز إبعادهم أو تقليل دورهم في الحياة السياسية، وأتوقع أنهم نجحوا في تغير موقف الإدارة الأمريكية والتخفيف من ضغطها على السلطة في إفساح المجال أو مد الجسور مع المعارضة للمشاركة ضمن إطار جديد. الأمر الآخر شعار دفع الضرر في فترة مقاطعة الجمعيات السياسية، وراحت السلطة تسارع في عدة تشريعات أساسية وخطيرة جداً، منها قانون الإرهاب، قانون الجمعيات السياسية، إضافة إلى التلويح بتمرير قانون الأحوال الشخصية، كل هذه القوانين كانت حساسة إلى الطيف الأكبر، فقانون الإرهاب يسلط الضوء من خلال تنفيذ الحالة الأمنية لدى جميع النشطاء من خلال أسباب وهمية ومن ثم توسيع الصلاحيات للجهات الأمنية في هذه النقطة بالتحديد.
. ماذا عن الخلاف؟
ـ تم تقليص دور الجمعيات السياسية ومن ثم إلزامها الاعتراف بدستور 2002 الأمر الذي أدّى إلى خلاف داخل الجمعيّة السياسيّة وقانون الأحوال الشخصيّة، وأدى لأن تخرج مسيرة كبرى من قبل كبار العلماء بقيادة الشيخ عيسى قاسم الذي بين مدى الخشية من هذا الأمر، وكان الخلاف من خلال الجناحين داخل الجمعيات السياسية بما في ذلك الوفاق فالجناح الذي يرى المشاركة كان يجد بأن المرحلة مهيأة للدخول في الإنتخابات مجددا، لأننا نريد أن نحقق عدداً من المطالب بما في ذلك ماهو موجود في تحسين الحياة الإجتماعية أو الخدمية أو الإقتصادية فكانت هناك بارقة أمل في تحسين الوضع السياسي دون التخلي عن ورقة الشارع ولكن دعونا نكون في موقع أقوى ونحاول أن ننفذ إلى السدود التي خلقها النظام من خلال التواجد في العمل النيابي، الطرف الآخر كان يعتقد بأن هذا الأمر مرّ سدى ولا يمكن تحقيقه وهذا إقرار بأمر الواقع بمايريده النظام بما في ذلك الاعتراف بدستور 2002 وقد سبق هذا الأمر أن عدداً من قيادات الوفاق ومنهم د. سعيد الشهابي والأستاذ حسن مشيمع والأستاذ عبدالوهاب حسين حيث أعلنوا ضمن هيئات الوفاق بأن هذا الأمر سوف يكون تحصيل حاصل بعد ما أبدى آية الله الشيخ عيسى قاسم موقفه ورأيه.
. هل كانت هناك محاولات لثنيهم عن الإستقالة وما الذي دفعهم إلى الانسحاب من الوفاق؟
الجو العام كان يشير إلى المشاركة وقد كانوا رافضين موضوع المشاركة وبشدة وفي نفس الوقت أبدوا عدم ارتياحهم من موقف آيه الله الشيخ عيسى قاسم ورأوا أنه ساند جناحاً دون آخر وفصيل دون فصيل في هيئات الوفاق، وكانوا يعتقدون بوجوب الاستمرار بزخم أكبر بالإضافة للاهتمام بالحالات الشعبية بشكل أكبر.
. ألم يكن تفادي الانشقاق ممكناً؟
ـ كان صعبا جدا لأن الرؤى كانت واضحة في اتجاهين مختلفين في هذا الصدد .
. هل واجهتم صعوبة في التعامل مع الرأي العام، وربما هذا ينقلنا إلى موضوع إدارة الحملات الانتخابية، ولماذا يقول البعض لم يتم إنشاء قائمة وطنية تضم كل الجميع بحيث ظلت المقاعد الرئيسية لدى جمعية الوفاق؟
ـ استمرار الدعم في العمل البلدي أعطانا اطمئناناً بأن أداء الوفاق النيابية في حال المشاركة سوف يؤدي لكثير من المكاسب، مما وسّع من دائرة الشريحة الاجتماعية التي تؤيد المشاركة، كذلك الاعتراض الشعبي الكبير الذي كان موجوداً في 2002 مع المقاطعه وضد المشاركات غير بصورة كبيرة جدا وبحالة معاكسة، لذلك فإن التيّار الذي كان يتمني للمقاطعة لم يحصل على دعم شعبي كبير، والدليل على تلك المشاركة الواسعة في انتخابات 2006 ودعمهم لرؤية الوفاق وقد تلمسنا وجود حشود جماهيريه كبيره تتوافد للتصويت للوفاق، وأعتقد أنّ ذلك بنى خبرة جديدة من خلال إدارة الحملات الانتخابية البلدية في 2002 واستطاعت أن تؤسس لمنهجية سليمة في كيفية مخاطبة الناخب واقناعه بالتاريخ النضالي للوفاق، كما كان هناك دور واضح لدعم كبار العلماء للتوجه العام للوفاق وكذلك لقائمة المرشحين في جمعية الوفاق والإشارة إلى التاريخ النضالي للمسؤولين في الوفاق، ووجود برنامج انتخابي ممتاز، وفي نفس الوقت كان هناك وجود اجتماعي قوي لأغلب الشخصيات التي كانت على قائمة الوفاق.
.كيف تردون على ما أبداه البعض من ملاحظة على وجود خمسة أو ستة من المعممين في القائمة الانتخابية؟
ـ الحالة الاجتماعية في البحرين والتعامل مع عالم الدين أمر متجدر في الوجدان الشعبي، كما أن بعض المعمّمين كانوا سياسيين وليس علماء دين وحسب وقد كان لهم مستوى متميّز في التوجيه والخطابة وما شابه ذلك، وقد كان لهم وجود شعبي كبير وتاريخ نضالي ملموس فمثلاً الشيخ حمزة الديري والسيد حمزة الستري والشيخ علي السلمان والشيخ حسن السلطان كلهم رموز بارزة ولديهم تاريخ نضالي كبير .
. لماذا لم يرشح الشيخ حسين الديهي؟
ـ الشيخ حسين الديهي كانت لديه مهام أكبر في إطار النظم الإداريه والتنفيذية داخل الوفاق كما كانت لديه خبرة في إطار التواصل مع العلماء في الأمور التنسيقية، كما كانت له بصمات واضحة في تشكيل هياكل الوفاق من خلال التواصل مع الكوادر إضافة إلى ذلك فإن العدد كان كاف بحد ذاته في وجود هذا العدد من علماء الدين.
. لماذا لم يتم تشميل قائمة انتخابية؟
ـ هناك عوامل عدة، النية كانت موجودة لدى الشيخ علي السلمان حول اختيار عنصر نسائي في القائمة، وكان التحالف مع قوى وطنية أخرى حاضراً، بأن تتشكل قائمة وطنية موحدة، ولكن واجهتنا عدة عوامل:
العامل الأول: عدم الإنفاق التام على البرنامج الانتخابي الموحد.
العامل الثاني: عدم وجود شعبية كافية لدى المرشحين من بقية الأعضاء للقوى الوطنية الأخرى في دوائرهم الانتخابية بحيث واجهنا ترشح النساء في بعض الدوائر، فكان أن أثير ما مفاده: لئن رشحتم امرأة أو رشحتم محسوباً على التيارات غير الوفاقية فإن الأهالي سوف يدعمون مرشحاً آخراً ولو كان مستقلاً، وكانت الخشيه جادة في أن نخسر الدائرة في حال تبنينا هذا الأمر وجدنا صعوبة في إحدى الدوائر.
. لماذا عزيز أبل وليس عبد الرحمن النعيمي وليس إبراهيم شريف ولماذا شخصية مستقلة وليست شخصية من داخل الجمعيات السياسية ؟
ـ من الشخصيات القيادية البارزة لدى القوى المعارضة، المرحوم الأستاذ عبد الرحمن النعيمي هو وغيره لم تكن عناوينهم مسجلة في الدوائر الوفاقية وكان الأمر يتطلب الكثير من الاجراءات، كما أنهم رأوا أن يترشحوا في دوائر المناطق التي هي مسقط رأسهم ومكان إقامتهم، وتلك الدوائر لم تكن وفاقية، بمعنى أنّ الأغلبيه الشعبيّة تيار الوفاق لم يكن لهم وجود.
. هل تمت دعوة إبراهيم شريف أو عبد الرحمن أو منيرة فخرو وعلى سبيل المثال هذه الدوائر؟
. لا أعتقد أن الدعوة وجهت لهم، وحتى عزيز أبل كان عنوانه موجودا في هذه المنطقة لذلك صار الاختيار عليه، على أساس أن عنوانه طبيعي وشخصيته مقدرة إضافه إلى تاريخه النضالي وأسماء مختلفة والدائرة بالأساس مختلطة في هذا الأمر، وقد وجدنا صعوبة بأن تقوم الدوائر المحسوبة على الوفاق بترشيح شخصية غير محسوبة على الأهالي، أو ممن لا ينتمي لهذا النسيج الاجتماعي أو المذهب وما شابه ذلك.
. ماذا عن المرأة؟
ـ المرأة وعي شعبي، لم يكن مستبعداً بأن تكون المرأة نائبة، وهذا الأمر لم يكن مقبولاً في الوسط العلمائي، وكانت دونه معوقات، وقد استطاعت الوفاق أن تحرز أول مشاركة لها بواقع 17 مقعداً من 18 مقعد، والمقعد الأخير حصلنا عليه من خلال التحالف مع الدكتور عزيز أبل في ذلك الوقت .
. وما هو المفتاح لهذا النجاح؟
ـ النجاح التام والباهر من خلال ما يلي:
- برنامج الوفاق في العمل البلدي
- تاريخ النضال الكبير للوفاق
- الإصرار على التواصل الشعبي في كل المراحل
- تقديم برنامج انتخابي متميّز
- الحملة الانتخابية النوعية
وكأن الوفاق كان لديها ممارسة كبيرة جداً، وقد اكتسبوا الخبرة من خلال التواصل مع جهات انتخابية مختلفة، بالإضافة للدورات المتنوعة التي خضعوا لها في هذا الصدد، وقد تفاجأت السلطة بهذا النوع من العمل المنظم، ولكن العامل الأساسي يكمن في الدعم العلمائي ولم يصدر تصريح به ولكن كان كنوع من الإيحاء.
. لكن كانت هنالك ملحوظة على شعار القائمة الايمانية الذي يخرج الآخرين من الدائرة الإيمانية؟؟
ـ هذا التعبير هو من باب من ترون في تدينه أو في شخصيته سمات التدين عليكم أن تنتخبوه وليس بالضرورة أن يكون في قائمة الوفاق. القائمة الإيمانيّة تعبير عام عن صفة عامة تم اطلاقها من قبل الشيخ عيسى قاسم، ولكن البعض حرفها إلى أمور أخرى ولكنه أكد مجددا بأن العملية كانت في إطار أفقي وليس في إطار عمودي في كيفية إدارة الحملات الإنتخابية.
. ما الصعوبات التي تم مواجهتها تحديدا في العمليه الانتخابية في الانتقال من طور المقاطعة إلى طور المشاركة، بالنظر الى بعض الملحوظات على بعض الدوائر الانتخابية في تصميمها وبالنظر أيضا إلى السلبيات التي كانت في قانون الجمعيات السياسية؟
ـ بداية في أي مواجهة أو احتدام انتخابي دائما ما تتصارع الأطراف السياسية أو الأحزاب أو المؤسسات وربما الشخصيّات المستلقة، ولكن في حاله الوفاق هناك طرفان بالدرجة الأولى، التحدي الأكبر هو النظام والسلطة من طرف وجمعية الوفاق من طرف آخر، وقد كانت السلطة ترغب في مشاركة الوفاق ولكن بعدد أقل أو اضعف وفي بعض الدوائر لم تكن ترغب بأن تفوز الوفاق في تلك الدوائر، وكان ذلك هو التحدي الأكبر، وقد سعت السلطة بكل قوتها أن تقلص عدد المرشحين الفائزين بالمقاعد في الدوائر الانتخابية .أمّا التحدي الآخر هو التخلخل الذي حصل ما بين القوى السياسية المتحالفة من امتعاض جراء عدم تبني عدد من الشخصيات في قائمة الوفاق .
. وبعض الدوائر خاض المعارضون إنتخابات في نفس الدائرة؟
ـ هذا حصل بالفعل وقد جدنا بأن القوى قدموا مرشحيهم في بعض الدوائر فكان منهم ما هو محسوباً على التجمع القومي ومنهم ما كان محسوباً على المنبر التقدمي وما شابه ذلك. إذا وصلنا إلى حالة من التنافس على الدائرة الإنتخابية الواحدة .
. وهل كان حسن مدن في دائرتك؟
ـ نعم حسن مدن كان في دائرتي وفي بعض الدوائر الأخرى وجدنا أن الشخصيات نزلت مقابل شخصيات مرشحة من الوفاق مثل وعد، صحيح أنّ الناس كانوا يميلون إلى المشاركة بصفة عامة ولكن لم يكن سهلا أن تجذب كل الناخبين في أكبر عدد ممكن إلى صناديق الإقتراع لوجود ترسبات في موضوع فرض دستور غير عقدي إضافه إلى عدم الثقافة لنوايا السلطة التي كانت موجودة وكانت جمعية الوفاق تحتاج في كثير من الدوائر إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين لكي يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وأشير هنا كذلك إلى مسألة بأنه ليس من السهل أن تبحث عن مرشح يملك المواصفات الكاملة بقدر الإمكان، بحيث يكون لديه بعد أكاديمي، مناضل، نزيه، لديه امتداد شعبي بحيث نستطيع أن نعول عليه وأن لا يترك المجموعة في نصف الطريق أو يُشترى لاحقاً من قبل السلطة، ومن المعروف أن السلطة لديها مغريات كثيرة جداً، كل هذه التحديات أتصور أن الوفاق استطاعت أن تتخاطها .
. ماذا عن البعد الطائفي، يبدو أنّ الانتخابات هيجت المشاعر الطائفية كما يقول البعض؟
ـ البعد الطائفي في كثير من الأحيان كان بعداً مفتعلاً ودليلي على ذلك أن الوفاق من خلال تجربتها البلدية استطاعت أن تتخلص من هذا التوجس، ودليلي الآخر هو أنّ الكثير من الناخبين السنة صوتوا لمرشحين من جمعيّة الوفاق، نعم في العمل النيابي لاًحقا تعمد النظام أن يخلق هذا النوع من التباعد بحيث لا تكون هنالك كتلة موحدة أو تحالف وطني موحد وبذلك رسخت البعد الطائفي .
. لو عاد بك الزمان هل تعيد تشكيل القائمة الانتخابية بحيث تضم بعض القوى اليسارية ربما؟
ـ هذا السؤال يوجه إلى الوفاق، لأنني كنت جزءاً من الفريق ولم يكن القرار بيدي، ولكني أعتقد بأن هذين الأمرين مشاركة المرأة في أول قائمة انتخابية كان من المفروض أن يحدث وكذلك مشاركة ممثلين عن بقية القوى الوطنية الأخرى، وكان من المفروض أن تكون المشاركة في إطار الكتلة الوطنية.
. ماذا عن البرنامج الانتخابي، كيف تمت صياغته؟ وهل أنت راضٍ عنه في تلك اللحظة؟
ـ تم الاعتماد في البرنامج الإنتخابي على فرق العمل، واستطاعت الوفاق من خلال وجود عدد من المتخصصين في مختلف المجالات صياغة برنامج إنتخابي في الإطار الخدمي، الإقتصادي، السّياسيّ وقدموا كتيباً شاملاً في هذا الأمر .
. ما أهم ما كان محل جدل في هذا البرنامج؟
يمكن القول أن تحقيق الدستور العقدي من خلال المجلس النيابي والتداول السلمي للسلطة وموضوع الشعب لدى الهيئات والكتل الانتخابية كانت حولها مخافة من أن تكون أموراً نظرية غير عملية، إضافه إلى الموضوع الاقتصادي في إطار التنمية المستدامة لتنوع مصادر الدخل، الموضوع الآخر يتعلق بالسلطة الرقابية حيث كانت الرسالة: لا تحلمون كثيرا بأن تكون لكم القدرة على محاسبة وزراء في الأسره الحاكمة.
. كيف كان تعامل الاعلام المحلي أو الدولي معكم وكيف سلطت الأضواء على البرلمانيين في المشاركه الأولى للجماهير أو للتيار الشيعي الإسلامي؟
ـ أتصور أن عموم قوى المعارضة المشاركة وتحديدا الوفاق حصلت على فرصة ذهبية لمخاطبة الرأي العام من خلال فتح الآفاق الإعلامية، سواءً المحليً أو الدولية، وحينما انتقلت من المعارضة إلى المشاركة استطاعت أن تقدم رؤى ومفاهيم وبرامج عملية في هذا الصدد، لذلك واكبت الكثير من وسائل الاعلام الدولية، وتلمسنا وجود ضوء أخضر للاعلام المحلي بأن يكون منفتحاً على الوفاق من باب تشجيعها، كان الإعلام للوفاق ضرورياً حينما انتقلت من المقاطعة للمشاركة لبيان خطابها وتوضيح رؤيتها، مواقفها، برامجها وما شابه ذلك .كما استطاعت الوفاق من خلال مشاكستها عبر التصريح بموقف معين، معلنة بذلك أنها ليست معارضة شكلية أو معارضة تشترى، ولذلك كان لها احترام نسبياً.
. كيف كانت صورة الوفاق في الإعلام برايك هل كانت إيجابية أم كانت محاطة بالبعد الطائفي أو ما يقال عن العلاقة مع إيران أم ماذا؟
ـ بُعد العلاقة مع إيران لم يكن وارداً البتة، وقد طرح بشكل باهت، وكانت الوفاق تُسأل أحيانا ما فائدة العلاقة مع دول الجوار؟ بما في ذلك إيران ولكن لم نكن نسمع حينها أن الوفاق صفوية أو أنها امتداد لإيران أو أذناب إيران كل تلك العبارات لم نكن نسمعها.
. هل طرحت العلاقة مع الأمريكان والقاعدة العسكرية الأمريكية (الأسطول الخامس)؟
ـ هذا الأمر تم طرحه في أكثر من لقاء خاص، وكذلك كان يطرح ضمن الأسئله وكان الجواب واضح جداً بما مفاده نحن نحترم تعاقد الدولة مع الدول الكبرى والدول الأساسية وفي نفس الوقت نحن ضمن منظومة دوليه والمنظومة الدولية لها مصالح في المنطقة، وبطبيعة الحال هناك مصالح مشتركة بين الأطراف، وبمعنى آخر كان هناك رد دبلوماسي مقنع للوفاق بأن التصدي للقواعد الأجنبية ليست ضمن أولوياتها الأساسية، وأنها ستنظر في الأمر لاحقا ولذلك لم تضعها في برنامجها الانتخابي.
. الخليج، السعودية، الكويت كيف كانت نظرتهم للمشاركة؟
ـ الوفاق بعثت برسائل إيجابية حول تأصيل البعد الخليجي في علاقتها السياسية وأنها تريد أن تتعاون مع دول الجوار، لذلك كانت دائما تسعى لزيارة دول الخليج لاسيما مع الكويت.
. هل أتتكم رسالة من السعودية أومن دول خليجية أخرى؟
ـ السعودية كانت تتعامل معنا من النافذة وليس من الباب أي لم تتواصل معنا القيادات السياسية العليا، وحينما أصبحنا نواباً كانوا يستقبلوننا ضمن وفود برلمانية.
. ماذا كنتم تسمعون؟
ـ كل اللقاءات التي جرت كانت برتكولية، ولكن أنا شخصيا حضرت أكثر من لقاء مع وفد برلماني في زيارتنا المتعددة إلى الملك وكان يشير إلى عدم إرتياح السعودية من وجود حياة نيابية، وجود إصلاح، ومعارضة وهذا النوع من الحرية، كما أبدى عدم ارتياح الرياض من الحراك الموجود في البحرين وكان يقول أن السعودية تمارس عليه ضغوطات كبيرة، لذلك يستشف أن السعودية لم تكن مرتاحة لوجود حراك نيابي ومعارضة ممثله في البرلمان.
. ومع ذلك يقول البعض أن هذه المشاركة بدأت وكأنها مشاركة مترددة لأن الوفاق قاطعت الجلسة الأولى للبرلمان وانتخاب النائب الأول والنائب الثاني ورئيس مجلس النواب.
ـ أتذكر تحديدا بعد الفوز في المقاعد وإعلان النتائج كانت هناك مشاورات متواصلة داخل الوفاق حول خطوات تعزيز قوتنا كأكبر كتلة معارض، وأن الوفاق كونها أكبر كتلة لها الحق برئاسة المجلس، ورئاسة مجلس النواب، آخذين بالإعتبار أن مجلس الشورى يعين من قبل الملك بصورة مباشرة، وأن رئاسة المجلس لا تعني بأن يكون عندنا السلطة المطلقة في مجلس النواب بحكم أننا لا زلنا أقلية، ولكن تفاجأنا بأن هناك مساع حثيثة من قبل السلطة لتنصيب من تحدده مباشرة وفرضه على الجميع، ووجدنا بأننا اذا نسلم دون اعتراض وتسجيل موقف كأننا بدأنا مسيرتنا البرلمانية ونحن في أضعف أحوالنا .
. ولكن لماذا اختيار المقاطعة سبيلا للضغط هذه المرة ولماذا المقاطعة بما في ذلك مقاطعة العملية الانتخابية للنائبيين؟
ـ كان هناك تصور بأن هذه الجلسة هي أول جلسة، وعلينا أن نبعث الرسائل منذ البداية إلى السلطة.
. لكن لو قال أحد أن هذه رسالة سلبية، رسالة صدام فماذا تقولون؟
ـ موقفنا في المجلس هو التعزيز، أصل المبدأ هو قضية الرقابة و المزيد من الصلاحيات في المجلس ومزيد من تحقيق الوعود الأساسية، فإذاً مسألة الصدام مسألة تحصيل حاصل.
. كيف تقيم لحظات الانتقال من مقاطعة البرلمان إلى زج الوفاق بنفسها في عملية انتخابية اكتسبت بفضلها مقاعد مهمة في البرلمان؟
ـ كانت ناجحه جدا بحيث أثبتت أنها قادرة على المقاطعة ولكنها في حال المشاركة يمكن أن تكون ناجحة، وكانت كذلك وأثبتت أنها رقماً صعباً ككتلة نيابية، كما أنها استطاعت أن تبرهن أنها لا تشترى بسهولة، وأشير هنا إلى الإنسجام التام بين أعضاء كتلة.
. من المعروف أن عزيز أبل حضر الجلسة الأولى وكان ذلك مؤشراً على أنكم خسرتم الشخص الذي كنتم تدعمونه فما هي السلبيات التي رافقت الحملة الانتخابية للأشخاص؟
ـ بالطبع عزيز أبل تبين بأن لديه نهج مختلف تماما عن ما هو معلن، وتبين لنا أن لديه تواصل مع جهات نظام السلطة وقد رسم له دور محدد كان خافيا علينا في بداية الأمر.
. متى اكتشفتم ذلك الدور؟
ـ أثناء المجلس عندما كانت هناك موافقة واضحة لدى كتلة الوفاق لم يبدي أبل التزامه بها كما أن تتوثق علاقته مع الديوان الملكي ورأينا أن مواقفه بدت غير منسجمة مع كثير من رؤى الوفاق.