باحث اقتصادي من البحرين
مؤتمر الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين: “الآثار الاقتصادية والاجتماعية للضرائب“، ٢٧-٢٨ مارس ٢٠١٨
السياسات الضريبية هي جزء من السياسة المالية،
فالمقصود أولا بالسياسة المالية
يقصد بالسياسة المالية تحديد الدولة لمصادر دخلها وأوجه الصرف لهذا الدخل اي بإيضاح أكثر من أين يأتي الدخل وأي المصادر أهم وأين يصرف وأي القنوات للصرف أهم هذا باختصار بسيط طبعاً ويتم ذلك من اجل تحقيق الدولة لأهدافها الاقتصادية والاجتماعية وإنجاح سياستها الاقتصادية المتبعة. ومن المعلوم طبعاً ان الصرف هو (الإنفاق الحكومي).
وعند النظر لمصادر الدخل فأنها تتنوع من دولة إلى أخرى وتختلف أهميتها النسبية أيضاً من دولة إلى أخرى حيث بعض الدول تعتمد بشكل كبير على دخلها من الضرائب ولذلك تشكل الضرائب أهمية بالنسبة لها بينما دول كدولنا الخليجية يشكل البترول بالنسبة لها أهمية اكبر لأنه مصدر دخلها الأكبر .
ما هي أدوات السياسة المالية
مثل ما تستطيع الحكومة التأثير على الاقتصاد الوطني وإدارته باستخدام السياسة النقدية والتي يعتبر معدل الفائدة والخصم ومعدل الاحتياطي أدواتها فأنها أيضاً تستخدم أدوات السياسة المالية من ضمن السياسة الاقتصادية العامة.
وأدوات السياسة المالية هي الضرائب والإنفاق العام والدين العام أو الفائض .
ما يهمنا في هذه الورقة هي الضرائب
والضرائب المقصود بها هنا كافة أنواع الضرائب مثل ضريبة الدخل وضرائب الشركات والضرائب الغير مباشرة مثل ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة وكذلك الرسوم الجمركية التي تفرض على السلع والخدمات سواء ما كان منها محلياً او خارجياً عند استيراده ، بحيث ان تفرض الدولة ضريبة او رسم معين لتحقيق هدف معين يخدم السياسة الاقتصادية للدولة حيث تهدف الدولة من فرضها على سلع معينة من حماية صناعة وطنية مثلاً او إعادة توزيع الدخل القومي الحقيقي او ان الدولة ترغب في التأثير على وارداتها من السلع المستوردة بما يخدم سياستها الاقتصادية العامة.
وانسجاما مع أغراض هذه الورقة فأننا لن ندخل في تفاصيل أنواع هذه الضرائب وتأثير كل منها اجتماعيا واقتصاديا وإنما سوف ننتقل للنقطة التالية.
العدالة الضريبية
الضرائب هي مال عام تتم جبايته من المواطنين والشركات والأعمال. لذلك ثار جدل من القدم إن فرض الضرائب يجب أن يتزامن معه وجود نظام ديمقراطي يتيح المجال لدافعي الضرائب محاسبة ومراقبة الحكومة عندما تقوم بإنفاق أموالهم، كذلك أن يكونوا شركاء في اتخاذ قرارات أوجه صرف هذه الأموال من خلال ممثليهم في البرلمان لكي يضمنوا العدالة الضريبية.
كيف تتحقق العدالة الضريبية
يجب أن تتحقق في جانب التحصيل وفي جانب الصرف
كيف تتحقق العدالة الضريبية في جانب التحصيل
لم تعد أهداف السياسة المالية في الأنظمة المالية الحديثة مجرد الحصول على المداخيل بصورة محايدة لتغطية النفقات وبمعزل عن مراعاة ظروف المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل أصبحت تهدف إلى ترتيب تأثيرات مقصودة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، ومن بين هذه التأثيرات إعادة توزيع الدخل وتقليص الفوارق بين الطبقات. وفيما يلي بعض الطرق لعلاج التفاوت في توزيع الثروة وتحقيق نوع من العدالة الضريبية عند فرض الضرائب :
– فرض ضرائب مناسبة على السلع الكمالية التي يكثر استعمالها من قبل أصحاب الدخول المرتفعة وتخفيف أو إعفاء السلع الأساسية التي يستهلكها الفقراء بقدر الإمكان؛
– فرض ضرائب تصاعدية على الدخل، فهذه الطريقة تؤدي إلى نتائج سريعة في البلاد المتقدمة ؛
– تجنب الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة التي تشمل الجميع دون استثناء
– منح الإعفاءات الضريبية لأصحاب الدخول المتواضعة (الحد الأدنى للمعيشة) ولمن يعول عددا كبيرا من الأفراد؛
– استحداث الضرائب المفروضة على التركات مع مراعاة بعض الظروف مثل مقدار التركة ودرجة القرابة بين الوارث والموروث وعدد الورثة؛
– إصلاح هيكل توزيع الثروات في المجتمع عبر فرض ضرائب استثنائية على أصحاب الثروات الكبيرة بهدف الحصول على موارد إضافية لتمويل بعض أوجه العجز على المستوى التنموي و المساهمة بذلك في تحقيق التماسك الاجتماعي؛
العدالة الضريبية في جانب الصرف
– توجيه قسم من عائدات الضريبية لتقديم الخدمات العامة من قبل الحكومة التي ينتفع منها الجميع، كرفع جودة التعليم والخدمات الصحية والإسكان…الخ، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي من خلال منح الإعانات للعاطلين والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة والمتقاعدين والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث غالبا ما تصرف هذه الاعانات من الضرائب؛
– أن يتم توسيع أوجه الصرف على البنية التحتية والمدارس والصحة ليشمل كافة مناطق البلاد ولاسيما المناطق الفقيرة والنائية والتركيز على تطوير هذه المناطق
– أن يتم التركيز في أوجه الصرف على تشجيع وتحفيز الأنشطة المولدة للوظائف للمواطنين وتقليل نسب البطالة
– أن يتم تخصيص جزء من إيرادات الضرائب للإنفاق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المهن الحرة ورواد الأعمال كونهم يمثلون الفئات الأوسع في الاقتصاد.
الضرائب في الدول الاسكندنافية
في البلدان الإسكندنافية مثل الدنمارك، والنرويج، والسويد، وايسلندا، والتي تتمتع كلها بمعدلات عالية من التنمية الاقتصادية والرفاهية والرخاء والرضا الشخصي والاستقرار. كما أنها أيضا تتمتع بمعدلات مرتفعة جدا بالإنتاجية والكفاءة الاقتصادية.
وأحد الأمور المهمة المسببة لذلك هو قابلية الشعوب الإسكندنافية بل ورغبتها في فرض الضرائب على أنفسهم لدفع تكاليف التعليم والرعاية الصحية والتدريب على العمل وإعادة التدريب وتمويل شبكة أمان اجتماعي شاملة. المهم هنا أن يشعر هؤلاء المواطنون أنهم يتمتعون بنوع من العدالة الاجتماعية والمساواة في تحمل الأعباء والتكاليف.
وهنا لابد وأن نذكر أن ما يتم فرضه من ضرائب في دولنا العربية هذه الأيام (من ضرائب مبيعات أو ضرائب قيمة مضافة وهي الأشهر) والتي غالبا ما ينادي بتطبيقها صندوق النقد لسهولة جبايتها ووفرة حصيلتها تتصف بافتقارها لأهم مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والقدرة على الدفع.
الضرائب المعمول بها في البحرين
أقر مجلسي النواب والشورى الضريبة الانتقائية (على السجائر والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة) في نوفمبر الجاري، ومن المتوقع أن تبلغ حصيلتها 58 مليون دينار في 2018 وترتفع إلى 66 مليون في 2022.
كما سيجري الانتهاء قريبا من إقرار ضريبة القيمة المضافة التي أقرت في جميع دول مجلس التعاون وسيجري تطبيقها عام 2018. لكن هذه ليست أول الضرائب ولن تكون آخرها. فيما يلي بعض الضرائب التي يسددها دافعوا الضرائب من مواطنين ومقيمين وشركات:
- الرسوم الجمركية: من أقدم الضرائب في البحرين (والعالم). الحساب الختامي لعام 2016 يظهر 133 مليون دينارا إيرادات شؤون الجمارك، أي أكثر من نصف الرسوم والضرائب الحكومية التي بلغ مجموعها 237 مليونا.
- ضريبة المعاش: على شكل اشتراكات نظام التأمين الاجتماعي، يدفعها العامل البحريني ورب العمل، فضلا عن 3% إصابات عمل للوافدين. مجموع هذه الضرائب السنوي يساوي 436 مليون دينار على شكل اشتراكات التأمين الاجتماعي إضافة إلى عشرات الملايين الأخرى اشتراكات التأمين ضد التعطل
- ضرائب العمالة الأجنبية: وهذه تجنيها هيئة سوق العمل وتتوزع إيراداتها على الهيئة وصندوق العمل والحكومة التي بلغت حصتها في 2016 18.5 مليون دينار.
- ضريبة تحصلها البلديات تبلغ أكثر من 80 مليون دينار.
- ضريبة صغيرة على الوقود (بترول السيارات) تبلغ 4.6 مليون دينار.
- ورسوم ندفعها مقابل خدمات أو رخص تقدمها الدولة.
ورسوم كثيرة قادمة لا تشملها القوانين التي تعرض على المجلسين منها ضرائب ورسوم وزارة التجارة التي سيرتفع دخلها إلى 34 مليون دينار في 2018 من 10 مليون فقط في 2014 مستقبل الضرائب في البحرين
تميل أغلب التوقعات إلى القول بأن فرض ضريبة القيمة المضافة ما هي إلا البداية في توجه مستقبلي سيفرخ المزيد من الضرائب في البحرين.
ما نود أن نحذر منه هنا هو الخشية أن تقوم الحكومة بفرض سلسلة من الضرائب بصورة مبتسرة وكل على حدة لكي تتجنب الالتزام بربط فرض هذه الضرائب بتحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية محددة كما شرحنا سابقا، وإنما يظل التركيز فقط على دورها في تنويع الإيرادات الحكومية وسد العجز المالي، وهذا سوف يمثل توجه خطير يجب التنبه له.
قانون للضرائب ناتج عن حوار مجتمعي
لذلك، فأنا اعتقد أن على مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها الاتحاد العام لنقابات العمال المطالبة منذ الآن بصدور تشريع خاص بالضرائب ينص بوضوح على
- ناتج عن حوار مجتمعي
- أن الضرائب هي جزء من سياسة اقتصادية واجتماعية
- تراعي أنواع الضرائب المفترض فرضها أوجه صرفها معايير العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي تحدثنا عنها، وعدم السماح بتجزئة هذا الموضوع في كل مرة يتم الحديث عن تمويل العجز المالي أو الدين العام
- وجود حوكمة شفافة وخاضعة للمسائلة للجهة التي تشرف على تنفيذ الضرائب
- مشاركة الجميع في دفع الضرائب، كل حسب قدرته ودخله (ونضيف: ثروته). لكنه بحاجة إلى نظام ديمقراطي يتساوى فيه الجميع أمام القانون، ونظام اقتصادي عادل لا يترك ثمرة العمل تتركز في أيد قليلة
- الشفافية واليقين والملائمة: يجب أن تكون الضريبة معروفة (معلن عنها) وغير عشوائية أو تعسفية، محددة في كيفية حسابها، ومناسبة لدافع الضريبة من حيث موعد سدادها
- كلفة إدارة وجباية معقولة: من البديهي ألا تكلف إدارة النظام الضريبي مبالغ طائلة تستنفذ جزءا كبيرا مما يتم جبايته. هذا يتطلب نظام شفاف وغير معقد، بحيث يسهل فهمة من قبل دافع الضريبة، وتنفيذه من قبل محصلها.
كيف يتحقق الحوار المجتمعي ويتم ضمان توفر العدالة الاجتماعية
ماذا يعني الحوار المجتمعي
الحوار الاجتماعي عملية يشترك فيها معظم العاملين في أمكنة العمل، أو في المجتمع عموماً، في اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهم. وبمعناه الأشمل، فإنّ الحوار الاجتماعي يسمح للمواطنين بإنشاء تجمعات يختارونها بأنفسهم، ويخلق ظروفاً للمصالحة بين وجهات متعارضة وغالباً متناقضة بشأن المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي معظم بلدان المنطقة ساهم غياب أو ضعف المؤسسات الاجتماعية للحوار في تفاقم نتائج الأزمة اجتماعياً واقتصادياً، وفي خلق وضع خطير من التوتر وعدم الاستقرار في بعض البلدان.
يعني ذلك أن الغرض من الحوار الاجتماعي هو المساعدة في تحقيق النجاح في رسم السياسات وفي إصلاح الخدمات العامة بشكل يركز على الناس. ويجب أن تنعكس هذه الإصلاحات على أطراف الإنتاج وكافة أفراد المجتمع من حيث الخدمات والإنتاج
شروط الحوار الاجتماعي:
- تشريع يضمن حق الحوار المجتمعي
- مؤسسات ديمقراطية تضمن عدالة الحوار
- وجود منظمات ممثلة لكل طرف للحوار:
- وجود منظمات قوية:
- وجود مصالح مشتركة ومتبادلة:
- وجود علاقة عمل بين المتحاورين:
- اقتناع أطراف الإنتاج بالحوار الاجتماعي
ضمانات الحوار الاجتماعي:
- كفالة حق التنظيم والتكوين للمنظمات الممثلة
- الاعتراف بحقي الإضراب من جانب العمال والإغلاق من جانب أصحاب العمل متى فشل الحوار الاجتماعي:
- تقديم المعلومات:
- توفير التدريب اللازم:
- حسن النية بالمحاور الآخر:
حوكمة الحوار المجتمعي ..المجلس الاقتصادي والاجتماعي
برزت تجربة تأسيس المجالس الاقتصادية والعالمية لتوفر إطار حوكمي جيد للحوار المجتمعي وهو ما نوصي بتأسيسه في البحرين
الجمعية الدولية للمجالس الاقتصادية والاجتماعية
الجمعية الدولية للمجالس الاقتصادية والاجتماعية والهيئات المماثلة جمعية أنشئت في بروكسل، بلجيكا، بموجب القانون الهولندي والتي تأسست في 1 يوليو 1999، في بورت لويس ، موريشيوس . تتطور الجمعية بسرعة حيث كانت تتشكل في البداية من 27 عضوا، ثم ارتفع عدد أعضاءها سنة 2015 إلى 72 عضوا، يمثلون القارات الأربعة: إفريقيا، أمريكا اللاتينية، جزر الكرايبي، آسيا أوراسيا، الشرق الأوسط وأوروبا.
اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية
أنشئت اللجنة الأوروبية الاقتصادية والاجتماعية بمقتضى معاهدة روما لعام 1957 بغية إشراك جماعات المصالح الاقتصادية والاجتماعية في إنشاء السوق المشتركة وتوفير آلية مؤسسية لاطلاع المفوضية الأوروبية ومجلس الوزراء على قضايا الاتحاد الأوروبي.
اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية هي هيئة استشارية تعطي ممثلي مجموعات المصالح الاجتماعية والمهنية في أوروبا وغيرها، وهي منصة رسمية للتعبير عن وجهات نظرهم بشأن قضايا الاتحاد الأوروبي. وترسل آرائها إلى المجلس واللجنة الأوروبية والبرلمان الأوروبي. وبالتالي، فإن لها دورا رئيسيا في عملية صنع القرار في الاتحاد.
النموذج الفرنسي
تعتبر فرنسا من اول الدول التي احدثت هذا النوع من المجالس عام 1948 وقد تمت إضافة الجانب البيئي في التعديل الدستوري لسنة 2008، فأصبحت التسمية الحالية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي.
وتجدر الاشارة الى انه بعد التعديل بمقتضى القانون التنظيمي الصادر بتاريخ 28 يونيو 2010، حدد سقف المجلس في 233 عضوا من بينهم 163 عضوا يعينون من طرف الهيئات المهنية والاجتماعية و 70 منهم يعينون من طرف الحكومة.
وبالرجوع لمقتضيات القانون التنظيمي للمجلس الفرنسي، نلاحظ ان هذا الاخير قد قام بتحديد منهجي للقطاعات الممثلة داخل المجلس وبتصنيفها الى عشر مجموعات رئيسية
التمثيل في المجلس
-البعد الاقتصادي: عبر تمثيلية المقاولات والمهن الحرة وفئة الماجورين وغيرهم.
-البعد الاجتماعي: عبر تمثيلية وازنة لقطاع التعاونيات والتعاضديات وفعاليات المجتمع بكل اطيافها.
-البعد الترابي: عبر تمثيلية الجماعات المحلية وتمثيلية الفرنسيين المتواجدين بالخارج.
النموذج البلجيكي
يتميز بثنائية التمثيل ضمن مؤسستين، حيث نجد المجلس المركزي الاقتصادي الذي احدث سنة 1948، يتكون من 50 عضوا و 50 نائبا، موزعين بشكل متساو بين ممثلي العمال (22) وممثلي أرباب العمل (22) وستة خبراء.
المجلس الوطني للشغل فتركيبته ثنائية ومتساوية بين أرباب العمل والعمال إذ يتألف من 24 عضوا و 24 نائبا يضاف لهم عضوين شركاء وتم تنصيب هذه المؤسسة سنة 1952.
وبالتالي يتبين لنا ان تركيبة هذه المجالس الاقتصادية والاجتماعية تمزج بين المؤهلات العملية والعلمية والمهنية للفئات التي تتألف منها، وتتعدد وتتنوع من مجلس لآخر، لكن يبقى اتصالهم المباشر بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية.
المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية
بادرت العديد من الدول العربية منذ الاستقلال الى التفكير في احداث مجالس اقتصادية واجتماعية للنهوض باوضاعها، اختلفت من حيث اشكالها ومستوياتها ومجالات عملها.
في أكتوبر 2015 أعلنت تسع مجالس اقتصادية واجتماعية عربية في الجزائر عن تأسيس رابطة المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة لها ومقرها الجزائر. وتضم الرابطة الجزائر والأردن ومصر وفلسطين ولبنان والمغرب وموريتانيا والسودان واليمن بالإضافة إلى منظمة العمل العربية.
التجربة المغربية
تمت إعادة تأسيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي في فبراير 2011 بموجب القانون رقم 60.09
وتحدد المادة 11 أعضاءه وعددهم 99 موزعين على 5 فئات، محددة كما يلي:
أ- فئة الخبراء ولاسيما المختصين منهم في مجالات التنمية الاجتماعية والتكوين والثقافة والشغل والبيئة والتنمية المستدامة، وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والمالية وذات الصلة بالتنمية الجهوية والمحلية وبالاقتصاد الريعي، وعددهم 24 عضوا يعينهم الملك اعتبارا للمعارف الخاصة، الخبرة والتجربة التي يتوفرون عليها وعلى مؤهلاتهم العلمية أو التقنية.
ب- فئة ممثلي النقابات الأكثر تمثيلا للأجراء بالقطاع العام والخاص، وعددهم 24 عضوا من بينهم 12 عضوا يعينهم الوزير الأول، و6 أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب و6 أعضاء يعينهم رئيس مجلس المستشارين، وذلك باقتراح من النقابات التي تنتدبهم.
ج- فئة الهيئات والجمعيات المهنية التي تمثل المقاولات والمشغلين العاملين في ميادين التجارة والخدمات والصناعة والفلاحة والصيد البحري والطاقة والمعادن والبناء والأشغال العمومية والصناعة التقليدية وعددهم 24 عضوا، من بينهم 12 عضوا يعينهم رئيس مجلس المستشارين وذلك باقتراح من الهيئات والجمعيات المهنية التي تنتدبهم.
د- فئة الهيئات والجمعيات النشيطة في مجالات الاقتصاد الاجتماعي والعمل الجماعي ولاسيما العاملة منها في مجال حماية و صون البيئة والرعاية الاجتماعية والتنمية البشرية ومحاربة الفقر والهشاشة، وكذا في المجال التعاوني و التعاضدي وحماية حقوق المستهلكين، يتمم اختيارهم اعتبارا لمساهمتهم في هذه الميادين وعددهم 16 عضوا من بينهم 8 أعضاء يعينهم الوزير الأول و 4 أعضاء يعينهم رئيس مجلس النواب، و 4 أعضاء يعينهم رئيس مجلس المستشارين.
ويستشير رئيسا مجلس البرلمان الفرق البرلمانية قبل تعيينهما للأعضاء المذكورين؛
ه- فئة الشخصيات التي تمثل المؤسسات والهيئات التالية، وعددهم 11 عضوا كما يلي:
– والي بنك المغرب.
– المندوب السامي للتخطيط.
– الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للتعليم.
– رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
– رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج.
– رئيس المجموعة المهنية للبنوك بالمغرب.
– المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
– مدير الصندوق الوطني للتقاعد.
– الرئيس المدير العام للصندوق المهني المغربي للتقاعد.
– مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي.
-رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية.
والملاحظ عموما ان اغلب التعيينات توجد بيد رئيس الحكومة، وكان الأفضل توزيع حصة التعيينات بشكل متساو بين رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين.
صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
يعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إطارا مؤسسيا للتفكير المعمق في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي، وفضاء للتشاور البناء حولها بين مختلف مكوناته من الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، وقوة اقتراحية في كل ما يخص التوجهات والسياسات العمومية المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ومساهم في ترسيخ الحوار الاجتماعي.
وبذلك فهو جهة استشارية مكلفة دستوريا بتقديم الاستشارة إلى كل من الحكومة والبرلمان.
إلا أنه وإن كان الدستور قد خول للمجلس الاقتصادي والاجتماعي مهمة الاستشارة في كل ما يتسم بالطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والثقافي، إلا أن التساؤل الذي ينبغي أن يطرح هل هذه التوصيات تظل حبيسة التقارير التي يعدها المجلس أم يكون لها ترجمة في المقترحات والمشاريع المعدة للتصديق.
التشريع الفرنسي ، نجده يقوي من فعالية المجلس من خلال الزام السلطة السياسية في كل مرة لا تأخذ فيها برأي المجلس في موضوع طلب منه إبداء الرأي فيه بتعليل سبب عدم الأخذ به.
دور المجلس في النهوض بالحوار الاجتماعي
المهام المعلنة في إنشاء المجلس في هذا الإطار ما يلي :
- توفير الإطار المناسب لإشراك كل الفاعلين فيما يخص التوجهات و السياسات العمومية الاقتصادية والاجتماعية.
- توفير صيغة مناسبة لنقل الحوار من إطار عشوائي و تصادمي إلى إطار مؤسساتي دستوري يجسد التعاون بين الفئات الاقتصادية و الاجتماعية.
- تسيير و تدعيم التشاور و التعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمساهمة في بلورة الميثاق الاجتماعي.
فعلى هذا المستوى يمكن للمجلس أن يكون له دور كبير في توسيع نطاق المفاوضات وإرساء دعائم حوار اجتماعي يقلص التوترات و الاحتقانات،
من هنا إذن يبرز دور المجلس باعتباره جيلا جديدا من المؤسسات التشاورية بل كسلطة استشارية تكرس ديمقراطية تشاركية تنصهر فيها جميع فئات المجتمع.
الخلاصة:
- الضرائب هي جزء من سياسات اجتماعية واقتصادية
- الضرائب يجب أن تحقق العدالة الاجتماعية في جوانب الصرف والتحصيل
- الضرائب يجب أن تخضع لحوار مجتمعي
- نوصي بتأسيس مجلس اقتصادي اجتماعي في البحرين
شكرا لكم جميعا