مركز البحرين للدراسات في لندن
مع انقضاء ثلاثة أرباع مدته، يبدو “مجلس النواب” “المنتخب” في 2014 تجلياً لنهج حكومي أمني. “مجلس” يفتقرُ لتمثيلٍ عادلٍ للمواطنين، مع غيابٍ كليٍ لقوى المعارضة، وانحسارٍ لمقاعد الحركتين السلفية والإخوانية، كل ذلك مصحوبٌ بقبضة أمنية عنيفة لم تبق ولم تذر، فجميع قادة الحراك السياسي في السجون أو المهاجر أو تحت الإقامة الجبرية.
في نوفمبر ٢٠١٤، قامت الحكومة بهندسة “مجلس” يبصم على مشاريعها المنطلقة من بعدٍ أمني، مراهنة على جملة أدواتٍ تبدأ من نصوصِ دستور 2002، المرفوض شعبيا، والذي حجم صلاحيات مجلس النواب مقارنة بأدواره في دستور ١٩٧٣، وجعله فاقدا للصلاحيات، وما تلا ذلك من مراسيمٍ بقوانين، ونظامٍ غير نزيه للانتخابات، وتقسيمٍ لا يساوي بين المواطنين للدوائر الانتخابية، سِمَته المذهبية، ما أتاح للسلطة أن تكون اللاعب الرئيسي في التشريع والرقابة، في ظل دكتاتورية مغلقة المنافذ، وليست فقط مقيدة.
بدت السلطة مهيمنة على وظيفتي المنح والمنع، منطلقة من “تأسيس غير شعبي وغير قانوني وغير معهود” في كتابة الدساتير. كما يقول المعارضون. في ٢٠٠١، كان مشروع ميثاق العمل الوطني يبصر النور، ومعه كانت السلطة تجري تغييراً دستورياً (٢٠٠٢) كان بداية لإسدال الستار على ما كان يأمل أن يكون بوابة لانتقال ديمقراطي في الدول الخليجية.
قالت السلطة عبر المذكرة التفسيرية لدستور 2002، مبررة الكيفية التي تم بها الغاء دستور 73: إن “الشعب عبر تصويته على الميثاق، قد عهد إلى الأمير باتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات (…)”[1]، فأجرى رأس السلطة تغييرا دستوريا من طرفٍ واحدٍ ومن دون مشاورة المعارضة أو استفتاء الشعب، وقد رأت المعارضة أنه “دستوراً جديداً فرضه الحكم على شعب البحرين، ونقض به الوعد الذي قطعه على نفسه باحترام دستور 73”.[2]
اليوم وبعد مرور 15 عاماً على “العملية الانتخابية” الشكلية، يتعمق يأس قطاع متزايد من البحرينيين (لم يعد ذلك حكراً على شارع المعارضة) بعدم نجاعة الخيارات الرسمية، فالبلد في حالة فوضى عارمة على أصعدة كثيرة.
ومع قرب إسدال الستار على الدور الثالث من “مجلس النواب” الذي اُنتخب في 2014، وتُختتم أدواره نهاية 2018، هنا قراءة للحيثيات والظروف والنتاج التشريعي والرقابي لتجربةٍ كان يؤمل لها أن تمثل يوماً ما “الديمقراطية البحرينية”.
ولادة مشوهة
بين العام 2011 وولادة مجلس النواب ٢٠١٤، ثلاث سنوات تبدل فيها وجه البحرين السياسي على نحو فاق أي توقعات. يندلع الربيع العربي بنسخته البحرينية في 14 فبراير 2011، فيتجمع مئات الآلاف من البحرينيين في دوار اللؤلؤة للمطالبة بتحول ديمقراطي حقيقي، وبسقف حكومة منتخبة وبرلمان كامل للصلاحيات، تفعيلاً للمبدأ الدستوري الراسخ: “الشعب مصدر السلطات”.
في 17 فبراير 2011، أي بعد ثلاثة أيام من تجمع الحشود في الدوار، تنسحب المعارضة – ممثلة في نواب جمعية الوفاق الـ 18 – من “مجلس النواب” المنتخب في نهاية 2010، احتجاجاً على “فض قوات الأمن الاعتصام السلمي الذي أقامه المواطنون وسط دوار اللؤلؤة بالقوة غير المبررة، وسقوط ثلاثة ضحايا من المواطنين جراء ذلك”[5].
سجلت الوفاق بهذا الموقف انحياز قوى المعارضة لمطالب الدوار، الذي كان جمع أيضا تيارات غير مرخصة وأكثر جذرية في مطالبها التغييرية، أبرزها حركة حق، وتيار الوفاء التي كان زعيمها عبدالوهاب حسين سباقا للتظاهر في ١٤ فبراير ٢٠١١.
تجاهلت السلطة مطالب أهل الدوار، القابلة للحوار حينها، ومضت قمعا، وأعلنت حالة الطوارئ، وتدخلت القوة السعودية “المحتلة”، وفق تعبير لقوى المعارضة، ما أحال البلاد إلى ثكنة عسكرية، سجل بعض آلامها تقرير لجنة تقصي الحقائق (تقرير بسيوني)[6].
أجرت الحكومة انتخاباتٍ تكميليةٍ، في ٢٤ سبتمبر 2011، لملأ المقاعد الـ ١٨ التي أخلتها الوفاق، وسط مقاطعة جميع قوى المعارضة (الوفاق، وعد، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الإخاء، والوحدوي) اعتراضاً على استمرار قمع السلطات البحرينية للتظاهرات السلمية وفشل أولى جولات الحوار (يوليو 2011) – الذي انسحبت منه المعارضة – في أحداثِ تسويةٍ تعيدُ الاعتبار للبعد الشعبي في العملية الدستورية والسياسية[7].
أفرزت الانتخابات التكميلية “مجلس نواب”، ينسجم وتوجهات الحكومة، وقد مرر المجلس تعديلات دستورية في مايو 2012 “زادت الأزمة تعقيداً عوضاً عن حلها”[8].
اعتبر الجانب الرسمي التعديلات الدستورية وكأنها تتعاطى مع مطالب المعارضة، فيما الأخيرة ردت عبر تظاهرة خصصت للتعبير عن رفض التعديلات تلك، وطالبت بـ”تحول سياسي حقيقي”[9].
ومع اقتراب أزمة البحرين السياسة من إتمام عامها الرابع (٢٠١٤) في ظل غياب التسويات، أعادت قوى المعارضة الخمس التزامها بمقاطعة الانتخابات النيابية والبلدية، التي تمت في نوفمبر ٢٠١٤، متهمة النظام بالعمل على “إقامة حكمٍ مطلقٍ في البحرين”[10].
وفقاً لذلك، تشكل مجلس النواب ٢٠١٤ بعيداً عن الخارطة الحقيقة للقوى السياسية المعارضة والموالية، فقد اختارت المعارضة المقاطعة، فيما مُني تيار الإسلام السياسي السني، ممثلاً في جمعيتي المنبر الإسلامي (إخوان مسلمون) والأصالة (السلف)، بخسائر موجعة، وأضحى “مجلس النواب” الرابع منذ ٢٠٠٢، “مجلس” مستقلين، حيث الغلبة لهم بمقدار 36 مقعد من أصل 40.
مذهبياً، توزعت مقاعد “مجلس النواب” 2014 على النحو التالي: 27 للسنة، و13 للشيعة، في حين ضم “مجلس النواب” المنتخب في 2010، 18 مقعداً للشيعة مقابل 22 للسنة، نظرا لغياب التوزيع العادل للدوائر الانتخابية.
أما سياسياً، فغابت عن “المجلس”، ما يمكن اعتبارها “أسماء بارزة”. أحد أسبابها حالة عزوف مردها إلى قناعة عامة لدى النخب البحرينية بحاجة المؤسسة التشريعية للمزيد من الصلاحيات.
مجلس بلا أدوات
الحديث عن واقع “مجلس النواب” 2014 وتشكيلته الجديدة التي يغلب عليها المستقلين، متصل بصلاحيات هذه المؤسسة، وهي صلاحيات ظلت مدار جدل محتدم ورفض شعبي منذ 2002.
تتكون السلطة التشريعية أو المجلس الوطني، وفقاً لدستور 2002، من غرفتين تتقاسمان الصلاحيات التشريعية، هما مجلس النواب ومجلس الشورى، بمجموع 80 عضوا، يعين الملك نصفهم في الشورى وهو ما شكل تحولاً عميقاً سلبيا في بنية السلطة التشريعية التي كانت وفقاً لدستور 73 مشكلة من 30 نائب منتخب، يضاف لهم 14 وزيراً (أي ثلث البرلمان) معينون بحكم مناصبهم.
وفي قراءة قدمها القيادي المعارض الراحل في المعارضة عبدالرحمن النعيمي، اعتبر :”إن الدستور الجديد وضع السلطة التنفيذية فوق السلطة التشريعية، كما أعطى للملك حق اصدار مرسوم لتعيين الدوائر الانتخابية بدلاً من المادة الدستورية التي تعطي الحق لمجلس النواب، وأعطى كذلك، الحكومة، صلاحية وضع لائحة داخلية لمجلس النواب للتحكم في كل سلوكياته”[11].
ومنذ ٢٠٠٢ حتى ٢٠١١، أظهرت السلطة تكلساً وتجاهلاً لآمال الناس وآلامهم، بل مضت في سياسات التمييز والتجنيس، فيما زاد تدهور الوضع الاقتصادي وسوء الخدمات من حجم الهوة بين القطاعات الشعبية والنظام.
وعوضاً عن تعزيز صلاحيات “مجلس النواب” بعد انتفاضة ٢٠١١، وجدت السلطة في “مجلس النواب” 2010 معبراً سهلاً لتمرير تعديلات دستورية أكدت أن المجلس لا يمكن أن يشكل إطاراً وطنياً جامعا.
التعديلات الدستورية التي تمت في مايو ٢٠١٢، امتدحها الموالون، لكن المعارضة رأتها “شكلية”، وفي رأي للمحامي عبدالله الشملاوي، فإن تلك “التعديلات الدستورية، تنتقص من صلاحيات مجلس النواب، وتعطي السلطة التنفيذية هيمنة على أهم مهمتين لممثلي الشعب وهما التشريع والرقابة”[12].
وذكر الشملاوي أن “المادة الدستورية (67) التي تكلمت عن الاشتراطات المشددة لإعلان عدم التعاون مع رئيس الوزراء، مع اشتراط الثلثين من مجلس النواب، وهو الأمر الذي يكاد يكون مستحيلا تحققه”.
الخلل في الدوائر الانتخابية
بعد عامين على إقرار التعديلات الدستورية، أعلنت الحكومة تغييراتٍ طالت الدوائر الانتخابية، لتستبق بها انتخابات 2014، وقد جاءت هذه التغييرات سلبية، لتزيد من رفض المعارضة لهذه الدوائر.
وعلى مدى سنوات، مثل عنوان “عدم عدالة الدوائر الانتخابية” أحد مرتكزات النظام لتقييد العمل الشعبي ودق إسفين طائفي، في ظل فارق بين دائرة وأخرى لا يستقيم ومبدأ “صوت لكل مواطن”. ووفقاً للأرقام الرسمية لسجل الناخبين في انتخابات العام 2010، فإن عدد الناخبين في الدائرة الأولى في المحافظة الشمالية (16223) ناخب، بينما عدد الناخبين في الدائرة السادسة في المحافظة الجنوبية (770) ناخب، مع أنه في كل دائرة سيتم انتخاب نائب واحد، فكيف يمكن أن يمثل ٧٧٠ مواطناً عضو برلماني، ويمثل أكثر من ١٦ ألف مواطن، عضوٌ برلمانيٍ ثانٍ، إن ذلك في نظر المعارضين لا يتسم والمساواة بين المواطنين.
ظل الفارق كبيراً بين عدد الناخبين في الدوائر الأربعين في التوزيع الجديد للدوائر (سبتمبر ٢٠١٤)، وهو ما يظهر بوضوح في أمثلة الدائرة الحادية عشرة في المحافظة الشمالية (12341) ناخب، والدائرة السابعة في محافظة المحرق (13204) ناخب، والدائرة العاشرة في المحافظة الجنوبية (2368) ناخب.
وطالما نادت المعارضة بأن تكون أعداد الناخبين في الدوائر الانتخابية شبه متساوية، لكن الحكومة ترفض ذلك. وقد ظلت الدوائر “غير عادلة”، وهو ما حدا بالمعارضة للقول إنها ستعقد المشهد، وستكرس الطائفية، ووجدت الوفاق، وعد، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الإخاء، والوحدوي في هذا التوزيع الجديد سبباً آخر لمقاطعة انتخابات 2014[13].
انحسار السلف والإخوان
نواب الإخوان والسلف في الفصول التشريعية ٢٠٠٢ – ٢٠١٤[14]
الفصل التشريعي | نصيب المنبر الإسلامي (الإخوان المسلمين) | نصيب الأصالة
(السلف) |
2002 – ٢٠٠٦ | 7 نواب | 6 نواب |
2006 – ٢٠١٠ | 7 نواب | 7 نواب |
2010 – ٢٠١٤ | نائبين | 3 نواب |
2014 – ٢٠١٨ | نائب واحد فقط | نائبين |
شكل مجلس نواب 2014، محطة بارزة في تقليص مستوى التمثيل النيابي لقوى الإسلام السياسي السني في البحرين: المنبر الإسلامي (إخوان مسلمين)، والأصالة (سلف).
انتهى كل ذلك إلى تحجيم طموحات الجمعيتين، واللتين كانتا وجهاً لوجه أمام قرار رسمي غير معلن: لا لـ “مجلس” الجمعيات السياسية حتى إذا كانت موالية، ونعم لـ “مجلس” المستقلين. فيما القرار الإماراتي بمحاربة القوى الإسلامية يدعم التوجه البحريني الرسمي، بل يقوده ربما. تجلى ذلك في هيئة خسائر سياسية منيت بها الجمعيتين، شملت فقدان حقائب وزارية كما هو مثل إقالة وزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي ووزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي في 6 ديسمبر 2014.
أما نيابياً فكانت المحصلة 3 نواب فقط يمثلون الجمعيتين في “مجلس النواب” 2014، وهما اللتين كانتا ذاتَ وزنٍ في الساحةِ التشريعيةِ في المجالس السابقة، وبلغت ذروة ذلك في “مجلس النواب” 2006 حينها كانت الأصالة ممثلة بـ 7 نواب، ومثلهم كان للمنبر الإسلامي.
مجلس بلا معارضين
غاب عن “مجلس النواب” 2014 كل نَفَسٍ معارض. لم يقتصر ذلك على غياب قوى المعارضة (الجمعيات السياسية الست: الوفاق ووعد وأخواتهما)، فشمل حتى “أنصاف” المعارضين، ليغدو “مجلس النواب” 2014، “مجلس” موالاةٍ بالكامل.
هذا الحديثُ يذكرُ بما كان عليه المشهد طوال فصوله التشريعية الثلاثة (2002 – 2006 – 2010)، فمع مقاطعة المعارضة (عدا جمعية المنبر التقدمي) لانتخابات 2002 النيابية لم يكن ذلك مانعاً دون بروز بعض الأصوات المعارضة، مثل عبد النبي سلمان، عبدالهادي مرهون، يوسف زينل. تلا ذلك دخول جمعية الوفاق في “مجلس النواب” 2006 و٢٠١٠ بـ 17 ثم ١٨ نائب معارض على التوالي. لكن حتى بعد أن استقال نواب الوفاق في ٢٠١١، ظهرت بصورة غير متوقعة بعد الانتخابات التكميلية (أكتوبر ٢٠١١) أصوات معارضة بينهم النائبين السابقين أسامة مهنا وخالد عبدالعال[15].
وليس في اعتبار “مجلس النواب” الراهن، مجلس موالاة، مبالغةٍ أو عدم موضوعية، في ظل تماهٍ تام عبر عنه النواب الأربعون مع الرؤية الرسمية للأحداث المتعاقبة بما في ذلك حل جمعية الوفاق[16]، وفض اعتصام الدراز بالقوة الغاشمة الذي انتهى بسقوط 5 ضحايا في صفوف المعتصمين[17]، والدعوة/ التصفيق لتنفيذ أحكام إعدام بحق معارضين مطلع العام الجاري[18]، بعد محاكمات اعتبرتها منظمة العفو الدولية “غير عادلة”[19]، وتمرير تشريعات ماسة بحقوق الإنسان كما حصل مع مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القضاء العسكري، بل وحتى إغلاق صحيفة “الوسط” في 4 يونيو 2017 بقرار إداري لم يوضح الأسباب، ظل معه النواب وكأن على رؤسهم الطير.
مجلسٌ يجيد البصم
ذاكرةٌ البحرينيينَ ستظلُ حية بما أنتجه “مجلس النواب” 2014، بوصفه محطة شهدت صدور قرارات رسمية زادت من آلام قطاعات واسعة من الشعب.
مثل هذا “المجلس” معبراً سهلاً لقرارات مضرة بالناس، أبرزها رفع الدعم عن سلع وخدمات، كما شكل جسراً لقوانين نالت من الحريات والمساحة السياسية للعمل الأهلي والحزبي، والإخلال بآلياتٍ قضائية، من بين ذلك ما أقره مجلس النواب في 13 أبريل 2017 من مشروع تعديل لبعض أحكام قانون القضاء العسكريّ والذي “يمهد الطريق أمام المحاكمات العسكرية للمدنيين”، وفقاً لما ذكرته منظمة العفو الدولية التي رأت في التعديل “تحركاً كارثيا”[18].
ومن بين ذلك أيضا ما أقره مجلس النوابف في 17 مايو 2016 من تعديل المادة الخامسة من قانون الجمعيات السياسية (أحالته الحكومة بصفة الاستعجال)، ليمنع التعديل الجمع بين اعتلاء المنبر الديني والعمل السياسي، حيث نص التشريع على “عدم جواز الجمع بين اعتلاء المنبر الديني والانتماء لجمعية سياسية، أو ممارسة العمل السياسي”، وهو تعديل أًريد به تقييد الإسلاميين الشيعة المعارضين – المقاطعين على أي حال للمشهد الانتخابي الراهن – فضلا عن وضعه كورقة للمناورة في أي تسويات مقبلة.
اقتصادياً، كان مجلس النواب على موعد مع الفشل لحظة تعاطيه مع ملف الدين العام، لتمرر السلطة تعديلين أمام مرأى ومسمع نواب “مجلس النواب”، ولترفع سقف الدين العام مرةً إلى 7 مليار دينار في 2 يوليو 2015[19]، وأخرى إلى 10 مليار دينار وذلك في 8 ديسمبر 2015.[20]
رقابةً الشعب لا الحكومة
في الجهة المقابلة لعجز النواب عن استجواب وزير واحد، كانت ردة الفعل النيابية شرسة تجاه انتقادات شعبية وجهت لأداء المجلس ونوابه، حتى بلغ عدد البلاغات التي قدمها رئيس المجلس أحمد الملا ضد أصحاب حسابات شخصية بمواقع التواصل الاجتماعي في الفترة من يوليو 2015 حتى أبريل 2016، 61 بلاغا، صدرت أحكام في بعضها[21].
وإضافة إلى غياب القوى السياسية عن مجلس النواب، فإن القيود الدستورية لا تمنح المجلس فاعلية رقابية. فقد جاءت المادة (67) من الدستور بعد التعديل الدستوري (مايو ٢٠١٢) لتضيق الخناق على أية مساءلة للحكومة، فحرمت في البند (أ) طرح الثقة في رئيس الوزراء، واستبدلت ذلك بإمكانية (عدم إمكانية التعاون معه)، وقيدت ذلك بضوابط بينها إقرار ثلثي أعضاء المجلس يستحيل بلوغها[22].
بجانب ذلك، أضافت التعديلات الدستورية نفسها فقرة جديدة إلى المادة (46) تتعلق بتقديم رئيس مجلس الوزراء برنامج الحكومة إلى مجلس النواب للحصول على موافقته عليه، وفي حالة الرفض يقبل الملك استقالة الوزارة. والأن، بعد مرور نحو 5 أعوام على صدور تلك التعديلات تظهر التجربة العملية من جديد أن المجلس بلا أدوات تشريعية أو رقابية.
وأتاحت التعديلات الدستورية، سيطرة حكومية واضحة على مجلس النواب، حدث ذلك أيضا بفعل مجموعة أدوات بينها التعديل الذي طال اللائحة الداخلية للمجلس في 2012، والذي بات بموجبه المجلس بحاجة لـ 27 صوت نيابي للبدء في أي استجواب.
وقد عجز المجلس عن استجواب وزير الصحة، مثلاً ـ الأمر الذي قوبل بكثيرٍ من السخرية من قبل الرأي العام، حتى تساءل أحدهم: “إذا وزير الصحة ما تستجوبونه، فمن ستستجوبون؟!”[23].
وفي يناير 2016، قررت الحكومة رفع أسعار البنزين بنسبة 60 في المئة. وهدد النواب باستجواب كل من وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، ووزير الطاقة عبدالحسين ميرزا، لكن ذلك انتهى إلى البصم على كل قرارات الحكومة التي تزيد من الضغوط على جيوب المواطنين.
التغيير من الداخل
أفرزت السنوات القليلة الفائته تحديات عمقت الأزمة الحقوقية والأمنية، كما طالت المستوى المعيشي للمواطنين، وذلك مع استحداث رسوم وموضوع رفع الدعم عن سلع وخدمات.
ولم يقف فشل “مجلس النواب” عند حدود عدم التزامه بمهامه التشريعية والرقابية المفترضة، فطال عدم قدرته على إنتاج مبادرة وطنية تنقذ البلد من أزمته السياسية التي تقترب من إتمام عامها السابع.
وعوضاً عن لعب دورٍ مساهمٍ في إخراج البلد من أزمته، فُرض على مجلس النواب في فصليه التشريعيين (2010، و2014)، الاصطفاف مع الرواية الرسمية الداعية للضرب بيد من حديد على كل حراك داخلي رأي آخر، في سلوك رسمي – نيابي، انتهى بالبلد للغوص في دوامة من الأزمات لا يبدو إن نهايتها قريبة.
وبين 3 أزمات خانقة، تقف البحرين أمام حزمة أزمات. أزمة اقتصادية في ظل هبوط أسعار النفط لمستوياتٍ أنتجت عجزاً مستمرا في الميزانية العامة، وأزمة أمنية في ظل ما تعيشه المنطقة من اضطرابات لا تهدأ، وأزمة سياسية مصحوبة بغضب شعبي متنام جراء مضي مجلس النواب في البصم على خيارات السلطة، ما يطيح كليا بمقولة التغيير من الداخل.
[1] http://www.legalaffairs.gov.bh/93.aspx?cms=iQRpheuphYtJ6pyXUGiNqiE9wn3faJCY
[2] http://m.ahewar.org/s.asp?aid=39547&r=0&cid=0&u=&i=655&q=
[5] http://www.alwasatnews.com/news/527797.html
[6] http://www.bici.org.bh/BICIreportAR.pdf.
[7] http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2011/08/2011825113613815738.html
[8] http://www.al-akhbar.com/node/94603
[9] http://www.alwasatnews.com/news/660717.html
[10] http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/10/141011_bahrain_election_boycott
[11] http://m.ahewar.org/s.asp?aid=39547&r=0&cid=0&u=&i=655&q=
[12] http://www.alwasatnews.com/news/663338.html
[13] http://www.alwasatnews.com/news/923240.html
[14] جدول يوضح نصيب جمعيتي المنبر الإسلامي والأصالة في الفصول التشريعية الأربعة، مع ملاحظة أن الأرقام هي للأسماء المدعومة رسمياً من قبل الجمعيتين في الانتخابات النيابية، ولا تشمل الأرقام الأسماء المدعومة بصورة غير معلنة.
[15] https://www.youtube.com/watch?v=OPA6zzO3jFQ
[16] http://bna.bh/portal/news/732251
[17] alkhaleej.com/news/article/1074227
[18] http://bahrainmirror.info/news/30560.html
[19] https://arabic.rt.com/news/858832-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A5%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%B0-2011/
[18] https://medium.com/thenewkhalij/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-af023b144c8
[19] https://www.alwasatnews.com/news/1005046.html
[20] http://www.akhbar-alkhaleej.com/13774/article/56913.html
[21] http://www.alwasatnews.com/news/1106486.html