باقر درويش
مدخل: تلازم تطور العمل الحقوقي وارتفاع الانتهاكات
فرص التنسيق
ايجابيات تنسيق العمل الحقوقي
سلبيات تنسيق العمل الحقوقي
عوامل نجاح التنسيق
آليات التنسيق
مدخل: تلازم تطور العمل الحقوقي وارتفاع الانتهاكات
كثر الحديث خلال الفترة الأخيرة عن ضرورة تنسيق العمل المعارض في الداخل والخارج، وبموازاة ذلك بدأت الأوساط النشطة في مؤسسات المجتمع المدني تتحدث عن ضرورة تحقيق التنسيق المطلوب للعمل الحقوقي الخاص في البحرين. هذا بطبيعة الحال يعود لثلاثة أسباب رئيسية: الأول يتعلق بتطور منظومة العمل الحقوقي المحلية وبروز منظمات جديدة، والثاني نتيجة ما قد يقع من ارباك طبيعي في بعض مناطق العمل لتعدد الجهات المتصدية، والثالث لاتساع رقعة الانتهاكات.
وللانصاف، فإنّ نشوء المنظمات الحقوقية المشتغلة في أكثر من حقل يمس حالة حقوق الإنسان هي من أساسيات نجاح تنمية المجتمعات الديمقراطية التي تستوعب “التعددية” بمختلف أنواعها، وهي ظاهرة وإن بدأت في الاتساع في السنوات القليلة الماضية في الحالة البحرينية إلا أنّها تشكل ضرورة وطنية، رغم الملاحظات المتنوعة حول حصر عمل غالبية المؤسسات على مجالات حقوقية محددة وعدم ايلاء بقية الحقوق المقرة في المواثيق الدولية المزيد من الاهتمام[1].
بيد أنّه لابد من التوقف عند تجربة مرصد البحرين لحقوق الإنسان[2]؛ حيث يمكن اعتبارها التجربة الحقوقية الخليجية الأولى المائزة بما تضمنته من عدد كبير من الجهات الحقوقية من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، والخروج بصيغة عمل مشتركة، رغم أنّها لا تخلو من ملاحظات، إلا أنّها استطاعت أن تشكل رافدا مهما وعنصر تأثير واضح في أروقة مجلس حقوق الإنسان بجنيف، مع عدم تجاهلنا لدور المنظمات الحقوقية الأخرى التي كان لها دور مشهود أيضا.
ولكن في سياق آخر، شئنا أم أبينا، علينا أن نقر من أن هنالك بعض المنظمات المحسوبة على أطراف مختلفة لها رؤاها الخاصة بالأزمة في البحرين، والإقرار بحق الاختلاف وعدم احتكار ساحة العمل بجهة ما وفق الذرائع غير المنطقية هي من أولى خطوات التأسيس للعمل الحقوقي الجامع.
فرص التنسيق
نعم؛ صحيح أنّ ميدان العمل السياسي ينتج سقوف ورؤى ووسائل مختلفة تمارس من خلالها القوى السياسية دورها المكفول في المواثيق الدولية، إلا أنّ ميدان العمل الحقوقي أكثر قابلية لاستيعاب “التعددية” الثقافية في المجتمع المدني للمنظمات غير الحكومية[3] من خلال اعتماد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان كمرجعية قانونية ضامنة[4]، فضلا عن أنّه وإن واجهت المنظمات تحديات واضحة في التصدي للقضايا الحقوقية ضمن الأطر الرسمية المحلية، إلا أنّ هنالك الكثير من آليات المجتمع الدولي من الممكن الاستفادة منها، وهي أكثر تأثيرا من الأطر الرسمية عندما يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان إلى المضايقات في بلدانهم، ولا بد من الاستفادة من تجارب مختلفة في العالم لفيدراليات وشبكات قدمت تجارب ناجحة.
ايجابيات تنسيق العمل الحقوقي
- تطوير التجربة الحقوقية في البحرين.
- تقوية الدبلوماسية الحقوقية للمجتمع المدني البحريني.
- توفير الوقت من خلال مذكرات التفاهم وماشابه في التبادل المعلوماتي وتبادل الأدوار.
- التصدي للقضايا الحقوقية المهملة.
- الخروج بصيغة حقوقية مطلبية مشتركة وجامعة للمنظمات الحقوقية من الممكن أن تتوافق عليها القوى المعارضة.
- تفعيل بقية الآليات الدولية المتاحة للمنظمات الحقوقية[5].
سلبيات تنسيق العمل الحقوقي
- الحكومة قد تقوم باستهداف مشروع التنسيق؛ خصوصا مع تحول البحرين لبيئة معادية للمدافعين عن الحريات.
- فشل الخروج بمشروع التنسيق سيعطي انطباع سيء لدى الأطراف الدولية ذات الصلة بالمشهد الحقوقي المحلي.
- المنظمات الناشئة أو الجديدة قد لا تجد الكثير من المساحة في تنمية الكوادر وتطوير عملها.
- ضياع الوقت في التنسيق بما يتعلق ببعض الآليات الروتينية لعمل مجلس حقوق الإنسان نتيجة لتعدد القناعات المهنية.
عوامل نجاح التنسيق
- آليات العمل الحقوقي واضحة وجامعة.
- نتيجة الحراك الحقوقي المستمر منذ 2011 وتطور مواقف المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية تجاه قضايا حقوق الإنسان في البحرين.
- الفرص الكثيرة التي توفرها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من خلال امكانية العمل معها والاستفادة من آليات مجلس حقوق الإنسان والإجراءات الخاصة وهيئات المعاهدات وتقديم الشكاوى عن ادعاءات الانتهاكات[6].
- توفر الإرادة الداخلية للمؤسسات في العمل المشترك.
- تقبل حالة التعددية والتوقف عن تكريس حالة التنافس السلبية.
- حاجة العمل الحقوقي في الأساس إلى التنسيق مع الجهات الحقوقية المحلية والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الحقوقية الدولية.
آليات التنسيق
- عقد مؤتمر أو مائدة مستديرة أو لقاءات بين الأطراف المختلفة من خلال فريق تنسيق يناقش الأفكار المطروحة وصولا لانتاج وثيقة العمل الحقوقي المشترك.
- اقامة ورش تدريبية مشتركة من خلال الاستفادة من الخبرات وبرامج التدريب للمنظمات غير الحكومية التي تقدمها مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
لقد قدم البحرينيون خلال السنوات الماضية تجربة رائدة في العمل الحقوقي جعلت المنظمات الحقوقية الدولية وبعض الدول الحليفة للسلطة لا تتجاوز الواقع الحقوقي، وإنّما تنتقده وفي أحيان كثيرة تتحدث عنه بكل شفافية ووضوح، وهو الأمر الذي يشجع كثيرا لأن تذهب الأطراف المختلفة إلى صيغة مشتركة للعمل تقود إلى نجاحات أخرى، بأمل تعزيز وحماية الحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين.
وبلا شك فإنّه ينبغي الاستفادة من تجربة مرصد البحرين لحقوق الإنسان والبناء عليها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المرصد اليوم يشكل مظلة حقوقية جامعة لعدد كبير من الجهات وهو طرف رئيسي مهم جدا وفاعل لأي عملية تنسيق مشتركة.
[1] http://www.ohchr.org/AR/Issues/Pages/ListOfIssues.aspx
[2] تأسس سنة 2012 من قبل جهات حقوقية ومؤسسات مجتمع مدني
[3] ابتكرت الأمم المتحدة مفهوم المنظمة غير الحكومية، من أجل تحديد منظمة مستقلّة عن الدولة لتقوم علاقات بينهما
[4] http://www.ohchr.org/Documents/Publications/FactSheet2rev.1ar.pdf
[5] http://www.welcomedesk.org/ar/functioning-human-rights-council
[6] https://www1.umn.edu/humanrts/arabic/OHCHRngohandbook.html