د. صباح زنكنه
کاتب وباحث إیراني.
سفیر سابق في منظمة التعاون الإسلامي.
مقدمة
المتغیرات الکبری
الثوابت
الحوار.. جدواه وتوازنه وتوقيته
إيران والعرب.. بين التعاون والتنافس
توسيع دائرة الصراع وخارطة المنطقة
دور الاطراف الاقلیمیة والدولیة في الحوار الایراني العربي
المستقبل والمقاربات
نحاول في هذه الورقة ان نضع تصوراتنا للمتغیرات الاقلیمیة والدولیة، لنصل إلى طرح التحدیات والتهدیدات، ومن هناك نتلمس بعضا من محاور التعاطي العربي الإيراني مع تلك التحدیات.
المتغیرات الکبری
١. تبلور الثورة الإسلامية وظهور نظام الجمهورية الإسلامية في إیران، کأول بادرة مستقلة ومؤسسة على رفض الهیمنة الأجنبیة، دون الاعتماد على أي من القوی الکبری التي تشکل النظام الدولي، وبإجماع جماهیري منقطع النظیر واسقاط نظام دیکتاتوري عتید.
٢. حروب صدام حسين ضد الجمهورية الإسلامية وثم ضد الکویت (البلد العربي الشقیق) ، و ما آلت الیه تلك الحروب من ضعضعة الدول ونشوء تحالفات إقلیمیة ودولیة وضعت المنطقة تحت الاختبارات لتفتیتها واخراجها من التاثیر الاقلیمي؛ واشغالها بعیدا عن القضیة الرئیسیة (القضیة الفلسطینیة).
٣. الاحتلال السوفیاتي لافغانستان؛ وتکوین مجموعات القاعدة وطالبان، بتعاون وثیق عربي-امریکي.
٤. تفکك الاتحاد السوفییتي ونهایة الحرب الباردة.
٥. حرب الخلیج الثانیة والحضور المباشر للقوی الغربیة فی دول المنطقة.
٦. مؤتمرات مدرید وأوسلو وسلسلة التنازلات العربیة عن الحقوق الفلسطینیة العربیة.
٧. الاحتلال الامریکي للعراق والهجوم علی افغانستان واسقاط حکومتي البلدین.
٨. الثورات العربیة او ما اصطلح علیه بالربیع العربي او الصحوة الاسلامیة؛ وسقوط بعض الحکام.
٩. ظهور داعش واحتلال اراضي عراقیة وسوریة ؛ ودخول دول اقلیمیة لاسقاط دولة قائمة.
١٠. حرب سعودیة شاملة علی دولة عربیة مجاورة؛ في تکرار کومیدي للدور العربي في الجوار العربي.
الثوابت
تلکم المتغیرات، أوجدت تیارات متعارضة وخرقت الکثیر من التوافقات الاقلیمیة وخلقت اجواءا من الشك والهواجس الامنیة وزادت من صراع الحکومات مع شعوب المنطقة من جهة؛ وهيأت للتغلغل الاجنبي اکثر فاکثر. ومع ذلك؛ فان هنالك ثوابت اقلیمیة ودولیة من جهة اخری، لازالت تفعل فعلها ومنها:
اولا: ان الجوار الجغرافي لا یمکن انهائه، بالتدخلات او الحروب، من الاقلیم او من خارجه.
ثانیا: ان الشعوب التی سکنت هذه المنطقة واقلیمها، مر علیها آلاف السنین، ولم تواجه التحدیات التي تواجهها الیوم باسالیب فجة وشاملة.
ثالثا : ان النظام الدولي في العصر الحدیث، فرض ترتیبات ناتجة عن اهتمامه بتامین نفوذه في المنطقة؛ وتامین اشرافه علی سریان الطاقة بلا منازع ؛ واستتبع ذلك بالتواجد العسکري القاهر للقوی الاقلیمیة، واتبعته معظم الدول الاقلیمیة؛ ونفرت عنه الجمهوریة الاسلامیة؛ ومن هنا نجد ان مواقف ایران؛ تتخذها باستقلالیة، لکن معظم الدول العربیة لازالت تعیش تحت مظلة الدول الکبری؛ وما نشاهده من بعض المواقف التي تظهر ما یشبه “اتخاذ المبادرات”، لا یصمد لمدة طویلة، وبمجرد تعرضها لتقطیبة من مسئولین امریکان او انكلیز، تذوب المبادرات؛ واذا استمرت، فلمجرد ” تفریغ الشحنات” المالیة لهذه الدول او تفریغ المنطقة من طاقاتها واسباب قدرتها وقوتها.
رابعا: في العلاقات بین ایران والدول العربیة؛ نجد ان لایران صوتا واحدا، بینما لا نجد للدول العربیة موقفا واحدا الا علی مستوی المجاملات التي لا تجد لها واقعا ملموسا؛ وهذا بسبب ان لکل دولة مصالحها و رؤیتها؛ وقربها وبعدها عن ایران جغرافیا ومجتمعیا.
خامسا: لازالت إسرائيل تشکل حجر الزاویة في سیاسات واولویات القوی الکبری؛ وعلی مدی القرن الماضي والحاضر، وهي تلعب علی اوتار الخلافات في المنطقة من جهة؛ وتداعب وساوس وهواجس الدول والحکومات في المنطقة لاخافتها من ایران (مابعد الثورة الاسلامیة) وتتغلغل في کیاناتها الامنیة؛ بما یغیر من توجهات تلك الدول في ترتیب سلم التهدیدات.
الحوار.. جدواه وتوازنه وتوقيته
هل الحوار مجدي؟ وهل هو متوازن؟ وهل ینفع توقیته الآن؟
امام هذه الحالة، تواجهنا هذه المواقف والحلول: اما ان نترك الامور علی حالها، لتتوصل الی نهایاتها غیر المنظورة والمجهولة؛ او أن تزید من حدة التوترات بناءا علی المثل القائل: “اشتدي ازمة تنفرجي” وهي النظریة العلمیة المعروفة بـOver Stretching، أو نتجه نحو الحوار؛ الذي قد یتمکن من نزع فتیل الانفجار الشامل في العلاقات؛ واحسب ان الطریق الثالث هو الصواب.
صحیح ان عوامل التأثیر من خارج الاقلیم، لازالت فاعلة، وهي لن تهدأ لها بال في استمرار النزاعات والصراعات؛ ولکن الأمل یحدونا بإیجاد معادلات تقلل من التوتر، ان لم نقل بازالة التوترات.
وقد یتسائل البعض: هل ان الحوار المفترض بین ایران ودول الجوار، یمکن ان یکون متوازنا؟
هذا السؤال، یؤکد ما ذهبنا إلیه من ان اهم عوامل التوتر في العلاقات یأتي من خارج الاقلیم. والا لماذا یطرح هذا السؤال بعد توصل ایران إلی الاتفاقیة النوویة مع الدول دائمة العضویة في مجلس الامن زائد ألمانیا؟
ان الضغط الذي توجهه بعض دول الجوار العربي إلی دول خمسة زائد واحد، یسیر باتجاه الدعوة لاضعاف ایران، لیرتفع مقابلها وزن بعض الدول العربیة في المیزان الدولي، حتی وان ادی الی زیادة اراقة الدماء، وهي لم تتخل حتی عن استغلال امتلاکها لحصص في الاقمار الصناعیة لحذف الشبکات الاخباریة للطرف المقابل او حلفائه في ذروة الاهتمام العالمي بحریة التعبیر؛ وفي ظل ادعائها باستعدادها لتقبل الراي الآخر!!
نعم؛ لاشك ان الاجواء العالمیة تجاه ایران، تغیرت وزالت او تکاد، حالة “الإیران فوبیا” في معظم دول العالم؛ وهنا بدأت دولة إقلیمیة بذاتها، التحرك لبث الفرقة والهلع والخوف من “البعبع” الإیراني الذي خرج للتو من قمقمه، وتکدیس الدول والجمعیات والمدارس الدینیة التابعة لنهجها الخاص؛ والتجییش وبناء الأحلاف في زمن عفی علی الأحلاف، واستئجار المرتزقة، لفرض نفوذها بعد ان ثارت الجماهیر رافضة للدیکتاتوریات المحلیة فما بالك بالاستبداد ” الأخوي” من الاخ الکبیر؟
کل هذه الجهود تهدف إلی اعادة الإیران فوبیا، التي زالت دولیا، لتشییدها اقلیمیا، وتسعی لتوسیعها دولیا.
التوازن الاقلیمي المطلوب، لن یخرج من اتون ثورات اصطناعیة في سوریا، ولا من رشاوي لأحزاب؛ ولا من تواطؤ مع إسرائیل.
ان التغییرات الدراماتیکیة التي حصلت في المنطقة، بعد تسنم الملك سلمان للسلطة، واستخدام الجیش السعودي للهجوم علی بلد عربي شقیق؛ لا یعبر عن حالة صحیة لإعادة التوازن المزعوم علی حساب شعوب المنطقة، بقدر ما قد یعجل بقرارات دولیة لازالت بعیدة عن اذهان صانعي السیاسات في منطقة الجوار العربي لایران.
واذا کانت المملکة بتدخلها الحربي السافر في الیمن؛ وبدعمها اللامحدود بالمال والسلاح والفتاوی والمعلومات والتحالفات الاقلیمیة والدولیة للارهاب في سوریة والعراق؛ تعتقد انها تعید التوازن في المنطقة مع ایران؛ فها هي ذي حاضرة بقوة في المشهد الاقلیمي؛ اذا لماذا تظن ان التوقیت للحوار لیس بصالحها؟
هل تنتظر الحکومة السعودیة ان تحصل علی التقنیة النوویة وتعقد اتفاقیة مع دول خمسة زائد واحد، وحینذاك تصبح التوازنات قد حصلت؟ او کما تشیع بین الفینة والفینة انها ستشتري “القنبلة النوویة من باکستان” لاعادة التوازن مع ایران؟
اظن ان الشق الاخیر، لعبته المملکة للضغط علی دول خمسة زائد واحد لعدم انجاز الاتفاق؛ ولا یمکن ان تکون القیادة السعودیة بهذا البعد عن آلیات امتلاك التقنیة ومراحلها وصعوباتها.
الامر الاخیر؛ والذي اراه أکثر واقعیة في العقلیة السعودیة، هو انتظارها لـ “غودو” کما جاء في مسرح اللامعقول؛ بما یعبر عن انتظار عودة امریکا الی المنطقة لتعتمد، کما کانت ابان استراتیجیة الرئیس نیکسون، علی الرکیزتین: (ایران والسعودیة).
وقد وجدنا نماذج عدیدة من الحنین السعودي الی ذلك الماضي؛ بل والاصرار علیه بمحاولة منع الامریکان من ترك العراق، بعد ان اصر الشعب العراقي بجمیع فصائله المتناحرة، وبمرجعیته، علی انهاء الحضور العسکري الامریکي.
وهذا التفکیر، لا أحسبه قریبا من فهم المتغیرات التي حصلت خلال العقود الاربعة الماضیة.
إيران والعرب.. التعاون أم التنافس
إیران ؛ بلد کبیر وذو حضارة، وتعاون في صناعة وصیاغة الحضارة الاسلامیة. وفي التاریخ المعاصر؛ لم تسقط إیران تحت اي استعمار، شرقي کان ام غربي؛ وقدمت تضحیات کبیرة للاحتفاظ بکیانها وهویتها واستقلالها؛ وسطرت ملاحم في التصدي للاستعمار والنفوذ الاجنبي، بالتوازي في صراعها مع الاستبداد الداخلي.
ولم تکن الثورة الإسلامیة التي اعتمدت علی قیادة نزیهة وحراك شعبي هائل ومنقطع النظیر و موحد في التوجهات؛ لم تکن هذه الثورة ان تمر دون مواقف ومعارضة من الغرب؛ وما شهدته من حرب ضروس علی مدی ثماني سنوات الا نموذجا من تلکم المعارضة والتصدي.
وقد استطاع الغرب، بجهود حثیثة أن یبث الرعب في قلوب دول المنطقة، لإیقاف التعاون والتعاضد مع إیران؛ واستجابت بعض الدول، وامتنعت دول اخری.
وکانت رجالات الثورة ولازالت، تجد ان إران دولة “تکمل” دول المنطقة؛ ولا تتعارض معها.
فایران، لم تکن ولن تکون منافسة للجوار العربي؛ إلا في الخیرات والصلاح، “وفي ذلك فلیتنافس المتنافسون”؛ وإیران لم تفرض قیمومیتها علی أي دولة عربیة؛ کما انها لا ترحب بان تفرض اي دولة عربیة او اجنبیة قیمومیتها علی دول الجوار؛ واذا کانت دول الجوار قد عانت من فرض ارادات اجنبیة علیها، ورضیت بها علی مضض؛ فان إیران لم ولن ترضی بفرض ارادات دول اخری علیها.
إیران، تری في قوة الدول العربیة، قوتها؛ وفي استقلال قرارها، استقلالها. ایران ترحب بنمو اقتصاد الدول العربیة وتنوع نشاطها الاقتصادي للخروج من السیطرة الاجنبیة علیها؛ وتعمل علی نقل التقنیة للدول العربیة، لکیلا تبقی اسیرة الضغوط الاجنبیة علیها.
ایران، ترحب باعتلاء شان الدول العربیة في الاقلیم وفي الصعید الدولي، وتعتبر ان القاطرة المحرکة لبقیة الدول العربیة هي: العراق وسوریة ومصر والجزائر والسعودیة.
فاذا کانت هذه المبادئ لا ترق لاحد، وتعتبر تدخلا في شئون الدول العربیة ، فذلك مبلغهم من العلم.
توسيع دائرة الصراع وخارطة المنطقة
هل ان توسیع دائرة الصراع يفید ایران؟ وهل ترغب ایران بتغییر الحدود وخارطة المنطقة؟
ان ایران لا تجعل الدول العربیة (لحد الآن) في خانة الاعداء؛ وهي تخصص لکل دولة موقعها في خارطة علاقاتها وسیاساتها، وهي لم تبدء ولن تبادر بستهداف اي دولة عربیة، ما لم تبادر تلك الدولة باتخاذ سیاسات عدائیة.
کما انها قد لا تعتبر الدول العربیة المجاورة بصدد الاعتداء علیها؛ لکنها تحسب حساباتها لأي احتمال یبدأ من استغلال الاراضي والاجواء والمیاه الاقلیمیة لبعض الدول، من قبل امریکا او اسرائیل، للاعتداء علیها او اختراق سیادتها وحدودها؛ وستعتبر اي دولة تسمح؛ او تغفل عن صد اي محاولة من هذا القبیل؛ عدوة مباشرة.
وایران تعتبر الارهاب والتطرف هو الخطر والتهدید الاساس في المنطقة؛ (متزامنا مع التهدید الاسرائیلي المستمر).
من هنا، فان حواضن ومنشأ الارهاب والداعمین له؛ یشکلون الأرضیة لانتشاره وزعزعة الدول في المنطقة، وتدعو للتصدي له بکافة الطرق والوسائل. وتعتقد ان محاولات اسقاط صفة الارهاب علی حرکات المقاومة الوطنیة، ما هي الا انخراطا في جبهة اسرائیل ودفاعا عن المحتل الاسرائیلي للاراضي العربیة.
ان الصراع وتوسیع نطاقه لیس بصالح ایران؛ وهو بالتأکید، لیس بصالح دول المنطقة العربیة.
إیران، تعتقد جازمة ان الصراع یؤدي إلی استغلاله من قبل الغرب وباقي الدول لبیع مزید من الاسلحة واضاعة ثروات الامة الإسلامیة، التي بامکانها التوجه نحو الرفاه والتنمیة.
والصراع من جهة اخری، تستغله اسرائیل، لزیادة التفرقة والتباعد بین إیران ودول الجوار العربي؛ وتغیر بوصلة الاهتمام الشعبي والحکومي الی اتجاه خاطئ وخطیر.
وایران، تری في تغییر الحدود خطرا علی الجمیع، سوف یزید من تعاسة الشعوب و آلامها ومعاناتها.
کما انها، تری سقوط الحکومات؛ او اسقاطها، ما هو الا عملیة قیصریة تنتهي بموت الام والولید.
وقد لا نبالغ اذا قلنا ان اهتمام إیران ببقاء الحکومات الحالیة؛ یفوق اهتمام الحکومات ذاتها؛ لا لان هذه الحکومات عادلة وصالحة ومستقلة؛ بل لان مهمة تغییر الحکومات هي مسئولیة الشعوب اولا وأخیرا.
دور الاطراف الاقلیمیة والدولیة في الحوار الایراني العربي
لا تعیش إیران وحیدة في المنطقة؛ کما لا تعیش الدول العربیة وحدها. ولم تنقطع المصالح بین دول المنطقة (بما فیها ایران والدول العربیة) مع الدول والمجموعات العابرة للمنطقة وللقارات. والدول الاقلیمیة الکبیرة المؤثرة في هذه العلاقات، سلبا او إیجابا، فهي: ترکیا ، وباکستان والهند والکیان الإسرائیلي. وأي اغفال لهذا الواقع، فمعناه عدم التوصل الی اي مقاربة علمیة رصینة، وقابلة للفهم.
فترکیا والهند وباکستان؛ وحسب المواقع والظروف، تستفید من تطورات هذه العلاقات وتقلباتها ، لبناء اقتصاداتها وکسب اسواق لمواطنیها للعمل في هذه الدول (خاصة اسواق العمل في الدول النفطیة).
وتستغل بعض هذه الدول، اشتداد الازمات، لتقویة موقعها الجیوستراتیجي، بما یصیب ایران والدول العربیة من ضعف واستهلاك في القوی، وانتهاز الفرص للوساطات وکسب الامتیازات.
وقد شهدت ترکیا انتعاشا اقتصادیا في فترة الحرب التي فرضت علی ایران، وکانت مکاسب ترکیا من الجانبین الایراني والعراقي، هائلة جدا.
اما الاطراف الدولیة ، ففیها تفصیل اکثر: فامریکا، کان دورها سلبیا ومشجعا علی زیادة الخلافات بین ایران والدول العربیة المجاورة کالعراق، والسعودیة، ومتقطعا في التأثیر بین الفینة والفینة مع الکویت والامارات والبحرین.
وقد تتغیر أسالیب امریکا وحلیفتها بریطانیا، في اثارة الفتن والازمات؛ ولکن النتیجة کانت دائما: المزید من مبیعات السلاح والنفوذ الاستخباري في الدول العربیة.
اما دور الصین والیابان وبعض الدول الأورپیة فقد کان ایجابیا لتخفیف الازمات والتوتر في العلاقات، للابقاء علی امدادات الطاقة؛ وروسیا کان دورها ایجابي نسبیا للوصول إلی اسواق جدیدة لمبیعات السلاح، وتنسیق اسواق الطاقة.
وقصة الکیان الصهیوني، مع اثارة الخلافات والازمات وتوتیر العلاقات بین الدول العربیة، فقد فاق جمیع الادوار، حتی وصلت الامور الی اظهار العلاقات الکامنة مع مخابرات واقتصادیات الدول العربیة الخلیجیة، الی العلن؛ بل والتنسیق والتعاون مع تلك الدول لمجابهة ایران.
المستقبل والمقاربات
في تصوري القاصر، فان المستقبل مفتوح علی جمیع الاحتمالات، من ازدیاد حدة الازمات الی حروب محدودة ، الی فشل وسقوط حکومات ، الی تفکك دول ونشوء کیانات جدیدة. والمقاربات المحتملة کحلول ربما تظهر کالآتي:
1. ترك کل بلد ودولة لتتحمل تبعات التحدیات ومواجهتها؛
2. العمل بکل قوة علی تغییر الحکومات التي نختلف معها، في نظامها السیاسي، او في سیاساتها وتوجهاتها؛ او کما نعبر عنه بـ “تصدیر الحکومات”، کما یجري حول سوریا و لیبیا، والیمن؛
3. تقویة موجات الارهاب العابر للحدود، کما یتمثل في “داعش” ، و”جبهة النصرة”، لإحداث التخلخل في بنیة الدول والکیانات المحسوبة علی قائمة ” الاعداء “؛
4. دعوة القوتین العظمیین، الولایات المتحدة الامریکیة وروسیا الاتحادیة، لفرض النظام والقانون والامن في المنطقة، بعد ان استفحلت التحدیات، وطال امد الصراعات بالوکالة او الصراعات المباشرة؛
5. الجلوس الی طاولة الحوار لبناء منظومة امنیة اقلیمیة، تتشکل من الدول الاقلیمیة، کاعضاء مجلس التعاوني الخلیجي وایران والعراق والیمن،
6. او الخروج بتنظیم مشترك اقلیمي – دولي لوضع حلول لجمیع القضایا.
لکن ایا من المقاربات المذکورة، لابد لها من اسس یتفق علیها جمیع الاطراف بدایة؛ ومنها:
الف: احترام الحدود والکیانات القائمة،
باء: العمل بقواعد حسن الجوار،
جیم: القبول بحق تعیین المصیر للشعوب، دون تدخل من الخارج؛
دال: عدم التدخل عسکریا (اقلیمیا او دولیا) لتغییر الحکومات،
هاء: بناء قواعد الثقة والعیش المشترك،
واو: رفض الارهاب والتکفیر والکراهیة،
زاي: رفض التحالفات ضد البعض، مع جهات اقلیمیة او دولیة.
بهذه الرؤیة والوضوح والصراحة، لا غیر؛ یمکننا الخروج من عنق الزجاجة، دون الاضطرار الی کسرها؛ او کسر اعناق العالقین فیها.
جميع الحقوق محفوظة لـ مركز البحرين للدراسات في لندن
الآراء تعبير عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن موقف المركز.