نجاح محمد علي
ملخص
تستعرض هذه الورقة مجمل النظرة الايرانية العامة للبحرين ابتداء بخلفية تاريخية تبقى دائماً في ذهن الايراني سواء كان معتدلا أو إصلاحيا أو محافظا، وللأزمة الداخلية من خلال تقديم حلول لحل الأزمة الداخلية وما سمته إيران “الصحوة الاسلامية”، وملامسة المبادرات المقترحة لحل أو تخفيف حدة التوتر مع البحرين وقبل ذلك مع المملكة العربية السعودية في إطار تفاهمات شاملة.
مدخل
ستظل العلاقات الإيرانية البحرينية بين شد وجذب تتحكم فيها عوامل كثيرة أهمها وأكثرها تأثيرا، الصراع الايراني السعودي حول النفوذ في المنطقة، والتطورات الداخلية أيضاً في إيران وفي السعودية في ضوء التجاذب بين الاصلاحيين والمحافظين، وصراع الأمراء على الحكم داخل المملكة العربية السعودية. وستظل إيران حتى نهاية ولاية الرئيس المعتدل حسن روحاني في العام 2017، تطلق المبادرات الواحدة تلو الأخرى، لتخفيف التوتر في علاقاتها مع دول الخليج العربية وبالتالي مع البحرين، في تحدٍ صريح مع الجناح المتشدد، واقطاب نافذة لاتزال تعتقد أن البحرين، محافظة إيرانية، تخلت عنها إيران في ظروف خاصة، ما كان ينبغي أن يحصل ذلك، ولابد من تصحيح مسار التأريخ والجغرافيا، ولو بعد حين!
”الحوار مع إيران”
شهد الاسبوعان الأخيران من شهر مارس 2016 تحركاً إيرانياً لافتاً في إطار المساعي نحو تخفيف حدة التوتر في علاقتها الخليجية عندما أرسل رئيس الإيراني حسن روحاني، رسالة خاصة حملها مبعوثه وزير الاستخبارات سيد محمود علوي، الى القيادة السياسية الكويتية، التي رحبت بالموضوع، وقامت بتكليف أرفع شخصية كويتية، وهو نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، بنقل رسائل الى قادة خمس دول خليجية للتباحث حول الموضوع .
وبدا لافتاً أيضا قيام أمير قطر، تميم بن حمد، بإعادة طرح مشروعه حول استضافة الحوار الإيراني ـ الخليجي، المرتقب في الدوحة، بعد أن كان قد طرح هذه الفكرة في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
وفي موازاة ذلك تستعد إيران لتقديم مشروع حول أزمة البحرين الداخلية، إذ يدرس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني مشروع اقتراح لحل الأزمة الداخلية في البحرين، وقد تم تكليف وزير الخارجية محمد جواد ظريف وسكرتير المجلس الأميرال البحري علي شمخاني بإعداد مشروع يعرض على دول الخليج العربية في أثناء الحوار المرتقب والذي يفترض أن يُدشن بعد القمة الأمريكية الخليجية المرتقبة التي ستعقد في الرياض يوم 21 أبريل 2016 في إطار “الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين”.
ويمكن القول إن إيران “الرسمية” ترى للأزمة البحرينية بعدان، إقليمي ودولي، وأن ما يهم إيران في القضية هو الغالبية الشيعية من سكان البحرين والذي يستوجب على إيران إبداء رد فعل سريع حول ما يحدث في البحرين.
وينتقد المشروع في مقدمته التي نوقشت داخل المجلس الأعلى للأمن القومي، بعض الأصوات التي تطالب إيران بالتدخل عسكرياً في البحرين وشدد على أنه ليس على إيران إقحام نفسها عسكريا في البحرين، كما فعلت السعودية، حيث اعتبرت “المقدمة” أن الدعوات للتدخل العسكري طعم يهدف لإيقاع إيران في الفخ.
وأشارت “مقدمة” المشروع الايراني أيضا إلى المصالح الأمريكية وتواجد الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، واعتبرت أن الولايات المتحدة ستسعى للحيلولة دون توصل الشيعة في البحرين لـ “حقوقهم المشروعة”.
لهجة ناعمة
يأتي المشروع الايراني في إطار تفاهمات عامة على حلول تشمل أيضا الأزمات في اليمن وسوريا ولبنان. فبعد أن بلغت الأزمة بين السعودية وإيران ذروتها، وتأثرت بها بعض دول المنطقة، بدأت تلوح في الأفق مؤشرات حل للأزمات الإقليمية، خاصة بعد أن صمدت الهدنة السورية ونظيرتها اليمنية، وأعادت روسيا “موضعة” قواتها في سوريا، وتم تدشين محادثات “مميزة” بين المعارضة والحكومة في جنيف بشأن سوريا.
وتُظهر تطورات الأيام القليلة الماضية إن تغيّرا في اللهجة السعودية، وبالتالي البحرينية تجاه إيران، وسبقها تخلي السعودية عن الكثير من مواقفها المتشددة فيما يتعلق بالأزمة اليمنية. ويتوقف المراقبون مطولا عند تصريح رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير تركي الفيصل، الذي قال فيه إن المملكة مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع إيران، شريطة أن تبدي طهران رغبة في سحب قواتها من سوريا، مضيفا في حوار مع تليفزيون “بي بي سي”، أن هناك مصالح مشتركة تربط السعودية وإيران، مستشهدًا بالتعاون بين الرئيس الإيراني الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، والعاهل السعودي الراحل الملك عبد الله.
وعلى الرغم من أن شرط المملكة بأن تنسحب إيران من سوريا يبدو بعيد المنال كثيرا، ويكاد يكون تعجيزياً، إلا أن تصريح رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق باستعداد المملكة للحوار مع طهران يُعتبَر سابقة في العلاقات بين البلدين، خاصة بعد أن شهدت توترات خلال الفترة الأخيرة، بلغت ذروتها من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، وبذلت المملكة جهدًا لتصدر قرار قطع علاقات بعض الدول الخليجية والعربية مع إيران، وما تبعه من تدويل القضية وإدخال بعض الدول على خط النزاع، وأولها لبنان الذي نال جزءا كبيرا من العقاب السعودي، من خلال وقف المساعدات المالية للجيش اللبناني واعتبار حزب الله منظمة إرهابية.
وجاءت الرسالة السعودية الثانية من وزير الخارجية، عادل الجبير، في ختام اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الأخير في الرياض ، إن بلاده لا تمانع في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران، إذا غيّرت الأخيرة سياساتها، وتوقفت عن التدخل في شؤون دول المنطقة. وأضاف الجبير “إذا تبنت إيران سياسات مختلفة عن التي تتبناها الآن، فلا يوجد ما يمنع من بناء أفضل العلاقات”، وقال “لنكن واضحين وصريحين، عندما تتغير السياسة، من الممكن أن تتحسن العلاقة بشكل إيجابي”. وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مرة أخرى يوم الأحد 27 مارس آذار 2016، أن على إيران تغيير سلوكها فى حال أرادت علاقات طبيعية مع بلاده.
تزامنت هذه التصريحات مع انطلاق جهود وساطة بين السعودية و أنصار الله في اليمن، وإحياء الحديث عن المسار السياسي الساعي إلى حل الأزمة اليمنية، حيث التقى ممثلون عن الحكومة السعودية بممثلين عن أنصار الله في الرياض للمرة الأولى، وأثمرت هذه الجهود عن حالة من التهدئة في العلميات القتالية على الحدود السعودية اليمنية، وترافقت معها عمليات تبادل أسرى بين الطرفين، كما حمل الوفد اليمني معه 30 جثة لجنود سعوديين، قُتِلوا في المواجهات على الخط الحدودي؛ وذلك في بادرة للتعبير عن حسن نواياهم وجديتهم في إيقاف الحرب، الأمر الذي يعزز الآمال في إنهاء الحرب الدائرة هناك منذ عام، رغم أن الجناح السعودي المتشدد وفي إطار صراعات داخلية، نفذ واقعة القتل الجوي الذي طال عشرات المدنيين اليمنيين في سوق شعبية مزدحمة بمحافظة حجة يوم الثلاثاء 15 مارس/ آذار 2015، من قبل مقاتلات التحالف بقيادة السعودية.
ويبدو أن القمة الأمريكية الخليجية المرتقبة في الرياض ستكون حاسمة في إطلاق حوار إيراني-خليجي يعوض أو يخفف من تأثير نية الولايات المتحدة الأمريكية في الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط، ورسائل الرئيس الأمريكي باراك أوباما المتكررة للزعماء الخليجيين منذ اجتماعه بهم في كامب ديفيد، العام الماضي، وحتى تصريحاته الصادمة لمجلة “ذي أتلانتيك” عندما اتهم السعودية بتصدير الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، قائلاً إن الصراع السعودي الإيراني أدى إلى نشوب حروب بالوكالة، ونشر الفوضى في كل من سوريا والعراق واليمن، وإن على السعودية وإيران إيجاد طريقة للتعايش والتوصل لعلاقات حسن الجوار، الأمر الذي دفع الرياض إلى تغيير بعض من سياساتها الخارجية التي طالما كانت تتدثر بالعباءة الأمريكية.
وخلال هذه الفترة تأرجحت التصريحات الرسمية البحرينية إزاء إيران بحسب البارومتر السعودي، وقال وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، في حوار متلفز في سياق مقابلة مع برنامج “نقطة نظام” الذي بثته قناة “العربية” يوم الجمعة الأول من أبريل نيسان 2016 إن مسؤولاً إيرانياً رفيعاً زار الكويت أخيراً وطلب فتح صفحة جديدة مع دول الخليج (العربية)، “وقد أبلغ أمير الكويت قادة دول مجلس التعاون رسالة من إيران تتضمن رغبتها في إجراء حوار معنا، ونحن غير رافضين لذلك، لكن المرشد الإيراني أدلى بتصريح ضد مملكة البحرين، كذلك أحد قادة المنظمات الإيرانية طالب بعودة البحرين إلى إيران في سياق تصريح مستفز”. كما أكد الوزير أن “باب الحوار مع إيران مفتوح وكنا نلتقي بهم باستمرار”.
وقال الوزير البحريني إن “إيران جارتنا، ونحن متعايشون معها منذ عصور مهما حصلت من تحولات فيها، لكن هناك مشكلات سببها السياسة الخارجية الإيرانية التي تمس بسيادة دول الخليج، وأبرزها احتلال الجزر الإماراتية”.
وسارعت أطراف متشددة في الحرس الثوري الايراني الى وصف تصريحات وزير خارجية البحرين حول ما وصفها “جدية” دول مجلس التعاون في مواجهة إيران بـ”السخيفة” بحسب وكالة أنباء تسنيم التابعة للحرس الثوري، التي قالت السبت 02 أبريل نيسان 2016 إن هذه التصريحات تأتي من وزير خارجية دولة صغيرة، مشيرة الى ما يجري خلف الكواليس حول التفاهمات، وأن رئيس وزراء تركيا أحمد أوغلو الذي زار طهران مؤخراً حمل معه رسالة واضحة للإيرانيين مفادها: حسنوا علاقتنا مع روسيا، نحسن علاقاتكم مع الرياض.
وبالفعل اعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في تصريحات صحفية يوم الجمعة الأول من ابريل على هامش القمة الدولية الرابعة حول الأمن النووي في واشنطن أن بلاده هي الخيار الأفضل والأنسب للقيام بدور الوساطة بين إيران والمملكة العربية السعودية، لإنهاء التوتر بين البلدين، مضيفا أن “المنطقة بحاجة إلى السلام والاستقرار”.
ورأى الرئيس التركي أن “النهج الديني الذي بدأت تشهده المنطقة أصبح مشكلة وهو أمر مؤسف”، مبيناً أنه تم “طرح موضوع الوساطة بين إيران والسعودية على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي زار أنقرة في نهاية مارس الماضي”، أي بعد زيارة أوغلو لطهران التي وصلها ليل الجمعة 4 مارس آذار على رأس وفد يضم عدة وزراء، في أول زيارة لرئيس وزراء.
واشار أردوغان الى الأزمتين السورية والعراقية ودور إيران وتركيا وكشف عن تفاهمات معرباً عن أمله في أن تسفر المساعي الإيرانية والتركية لتحقيق الأمن والسلام في العراق وسوريا.
إيران والربيع العربي
”لو أن ايران ضمت البحرين بعد خوزستان لكان خليج فارس الآن أكثر أمانا”.
بهذه المقولة رد متشددون ايرانيون على تويتر، على تصريحات وزير خارجية البحرين، مذكرين بالموقف الذي يوصف بالكثير من الأحيان بالمتراخي مما يحدث داخل البحرين تحت مسميات مختلفة منها بالطبع ما هو مرتبط أساساً بالتحولات التي عصفت بالعالم العربي فيما بات يعرف بالربيع العربي، وكيف أن إيران اتخذت مواقف متناقضة حيال “الثورات” فيها، خصوصا حيال مصر والبحرين.
فعندما كان الرئيس الأسبق حسني مبارك لايزال في السلطة، كانت إيران لا تتردد في إعلان عدائها للنظام المصري، وكان المسؤولون من بينهم المرشد آية الله السيد على خامنئي يطلقون عليه تسمية الـ “غير مبارك” نكاية باسمه. والبحرين اليوم تمر بنفس الأوضاع التي مرت بها مصر بالأمس القريب، أي أن الاحتجاجات التي يصفها المسؤولون في إيران حسب معايرهم “بالصحوة الإسلامية” لا تزال مستمرة.
وحسب اعتقاد المسؤولين في إيران، فإن حكومة الأسرة الحاكمة في البحرين لا تقل دموية عن مثيلتها في مصر مبارك، كما ان النظام الحاكم في إيران يعتبر تلك الحكومات غير إسلامية.
إلا أن الجمهورية الإسلامية واجهت الكثير من الانتقاد على الصعيد الداخلي، فالتيار الأصولي الموصوف بالتشدد اعتبر أداء النظام في ما يتعلق بالأزمة البحرينية متخاذلا. ويعتقد التيار المحافظ أن الحكومة قطعت علاقاتها مع الحكومة المصرية بشكل فعلي منذ عملية الاغتيال التي تعرض لها الرئيس الأسبق أنور السادات في 1981، ورغم سعي حكومة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي ومن بعده حكومة محمود أحمدي نجاد لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلا أن محاولاتهما باءت بالفشل. لكن في المقابل كانت العلاقات الدبلوماسية بين طهران والمنامة في أوجها، ونظرا للعلاقة الوثيقة بين الشيعة في البحرين والنظام الحاكم في إيران متميزة خصوصا وأن النظام يستمد من المذهب الشيعي شرعيته.
رغم هذا كله فان التوتر بين طهران والمنامة لم يبدأ بعد اندلاع “الربيع البحريني” في 2011، بل سبقه بسنوات عده، حيث وصل التوتر لأوجه في 2007 عندما نشرت صحيفة “كيهان” المقربة من المرشد والتي يعين هو ممثلا له فيها يدير التحرير وهو حسين شريعتمداري، مقالا حول البحرين، وتصريحات علي أكبر ناطق نوري هاجم فيها الأسرة الحاكمة في البحرين. إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ إلى حين اندلاع الأزمة في البحرين، حاولت الأجهزة الرسمية والدبلوماسية ترميم العلاقات الإيرانية البحرينية، إلا أن المحافظين كانوا ينتقدون الحكومة باستمرار، ويتهمونها بالتخاذل في دعم الشعب البحريني ومطالبه السياسية .
وقد شارك الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في مؤتمر دول مجلس التعاون الخليجي في 2007، وقدم حينها 12 مقترحا عمليا بهدف تعزيز ما وصفها “العلاقات الأخوية” بين طهران والعواصم الخليجية وتطوير مجالات التعاون المشترك. إلا أنه كان واضحا أن هناك تناقضا في مفهوم تعزيز العلاقات الأخوية، مع دعم الثورات الشعبية في دول المجلس، وبات واضحا حينها أن الحكومة الإيرانية لن تسمح للتضحية بعلاقاتها مع دول مجلس التعاون مقابل ردود فعل “متهورة” وغير مدروسة تجاه الأحداث الداخلية التي كانت تشهدها دول المجلس.
إن أي دعم صريح وحازم، حتى لو كان معنويا لأي حراك شعبي في دول مجلس التعاون، سيدفع الحكومات فيها للاعتقاد بأن إيران تسعى لإسقاط الأسرة الحاكمة السنية في البحرين، واستبدالها بحكومة شيعية. هذا ما سيشوه العلاقات الإيرانية البحرينية، بل سيفاقم من النزاعات الطائفية بين الشيعة والسنة في المنطقة والعالم.
إن اندلاع النزاعات الطائفية يتناقض مع الاعتبارات الاستراتيجية لنظام الجمهورية الإسلامية في السياسة الخارجية، كما أنها تتناقض مع المبادي الاستراتيجية لإيران في وحدة العالم الإسلامي. وتتعزز أهمية هذا الموضوع أكثر عندما نضع في عين الاعتبار حساسية الزعماء العرب السنة حيال ما يطلق عليه بالهلال الشيعي في الشرق الأوسط.
وأولئك الذين يتطرقون لمسألة الهلال الشيعي، يعتقدون بأن الجمهورية الإسلامية تحاول السيطرة على دول تضم نسبة كبيرة من الشيعة بين سكانها في المنطقة بدءاً من لبنان، سوريا، العراق، اليمن، والبحرين التي يسكنها غالبية شيعية.
ولا ينكر الساسة في إيران أنهم يرحبون ويدعمون دائما بفكرة تأسيس حكومات شيعية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن هذا الأمر سيعزز من اندلاع حروب طائفية بين الشيعة والسنة.
ونظرا لأن غالبية الحكام العرب في المنطقة حذروا مرارا مما يسمى بالهلال الشيعي، كالعاهل الأردني الملك عبدالله والرئيس الأسبق حسني مبارك.
إيران تعتبر التطورات المتلاحقة منذ اندلاع الربيع العربي، ذات طابع ديني، ولهذا السبب يطلق عليها المسؤولين في إيران تسمية “الصحوة الإسلامية” في دول دكتاتورية علمانية مقربة من الولايات المتحدة. لهذا السبب فإن أي خطوة من جانب الساسة الإيرانيين حتى لو كانت غير مقصودة أضرت بالربيع العربي من عدة جهات، وهذا ما يدعيه الساسة في إيران بأنه يتناقض مع الرغبة السياسية والاستراتيجية لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران؛ السبب هو الإضرار بوحدة العالم الإسلامي وتعزيز الطائفية.
كما لو أن الاحتجاجات في البحرين أخذت طابعا دينيا، بالأخص مذهبيا (شيعيا) سيضعف مساعي إيران لإخراج الأمريكيين من المنطقة، وكلما تعززت فكرة الطائفية في الاحتجاجات البحرينية كل ما تصاعدت وتيرة الخلافات المذهبية بين الشيعة والسنة في المنطقة، وبالتالي يعزز من اتجاه الأنظمة التي نشأت بعد الثورة نحو تقارب مع الولايات المتحدة .
من جهة أخرى فإن إعطاء أي صبغة طائفية للاحتجاجات في البحرين، وذلك بعنصر أجنبي كإيران، سيفقد الشيعة في البحرين إمكانية التفاعل والمشاركة السياسية الشرعية، إذا ما فشلت تلك الثورات في تحقيق مطالبها.
فالشيعة في البحرين كانوا يستحوذون على ما يقارب من نصف المقاعد في البرلمان البحريني، وإذا ما تحولت مطالبهم السياسية إلى مطالب مذهبية، سيدعم هذا في قمع الشيعة، ويعرض دورهم السياسي للخطر، والمخاطرة بفقد الكثير من المكاسب التي حصلوا عليها من خلال العملية السياسية داخل النظام الرسمي في البحرين.
خاتمة
برغم كل التصعيد حول البحرين وعموم منطقة الخليج، والذي يأتي في الغالب من أطراف متشددة في إيران وفي دول الخليج العربية، إلا أن الاتفاق العام في نظام الجمهورية الاسلامية بإيران ينص على عدم السماح لأي جهة كانت داخلية أو خارجية وسحب البساط منها لتخريب تطبيق الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى. وستظل إيران تطلق المبادرات لإيجاد حلول لأزمات المنطقة ومنها في البحرين، ولن تمنح السعودية وحلفاءها أي ذريعة بأنها تزعزع الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وستبقى تؤكد أنها قادرة إذا أراد الطرف الآخر في الخليج، على تكرار نموذج الاتفاق في النووي، في حل الأزمات الاقليمية ومنها الأزمة البحرينية حيث تجد إيران نفسها شاءت أم أبت، جزءاً لا يتجزأ منها سواء بالاتهام بأنها ضالعة فيها، أو برغبتها الجدية في نفي الاتهام عنها، بالمشاركة في وضع حلول على قاعدة ” كلنا رابحون”.”
مرفق: رد المرشد على 20 سؤالاً حول الصحوة الإسلامية
المصدر: http://farsi.khamenei.ir/speech-content?id=22406
استبعد الكثير من المحللين والمراقبين إمكانية تكرار ما حدث في تونس ليحدث في بلدان عربية أخرى مثل مصر، إلا أن خطاب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران “علي خامنئي” الذي ألقاه في الرابع من فبراير/شباط 2011 ، وصف فيه الرئيس المصري الأسبق بالخائن للشعب المصري، وأشاد بتجارب الثورة الإسلامية للشعب المصري.
ولم يمر سوى أسبوع واحد من هذا الخطاب حتى رأي الجميع سقوط “حسني مبارك”، حينها راج في القاموس الثوري الإيراني وفي وسائل الإعلام المؤيدة له مصطلح ” الصحوة الإسلامية”، حين وصف المرشد “علي خامنئي” ثورات الربيع العربي بالصحوة الإسلامية، ووضع خامنئي تلك الإحتجاجات في ثلاثة محاور أساسية (وصف الأحداث، قيادة الصحوة الإسلامية، وتحليل ودراسة النكسات).
النص التالي تضمن أجوبة لبعض الأسئلة المتداولة حول ما يصفه آية الله خامنئي بالصحوة الإسلامية، والتي لخصها موقعه الرسمي من خطاباته بهذا الشأن بالشكل الآتي:
1. ما هي جذور تشكل الصحوة الإسلامية؟
– إحياء عزة وكرامة الإنسان، تحت مظلة الإسلام.
٢. لماذا الثورات العربية في المنطقة، أخذت الطابع الإسلامي؟
– إن الشعوب الإسلامية ترى العدالة، الحرية والديمقراطية من ضمن تعاليم الإسلام وليس خارجها.
٣. ما هي استراتيجية العدو في التصدي للصحوة الإسلامية؟
– إيجاد الفرقة والترويج للطائفية بين المسلمين. مصادرة الثورات. خلق ثورات مشابهة في كل من إيران وسوريا. سلب المرجعية الفكرية للعلماء والمراجع وخلق مرجعيات مزورة وعملية للغرب.
٤. على ماذا تستند الثورات في المنطقة؟
ـ إحياء وتجديد العزة والكرامة الوطنية، والتصدي لأي نفوذ وسلطة الأجانب، ورفع راية الإسلام.
٥. دور النخبة في قيادة حركات الصحوة الإسلامية؟
ـ خلق الفكر، الحوار والتيارات الفكرية في المجتمعات.
٦. ما اهمية الصحوة الإسلامية تاريخيا؟
ـ إنه مسار نسلكه، مسار يمكنه أن يغير من تاريخ العالم وهندسته السياسية.
٧. ما علاقة الحراك السياسي المعروف بـ “وول ستريت” مع الصحوة الإسلامية؟
ـ إن الشباب في “وول ستريت” استلهموا ثورتهم من ثورة الشباب في مصر وتونس، وهؤلاء أيضا استلهموا ثورتهم من المجاهدين حزب الله وحماس.
٨. هل الثورات في المنطقة مؤامرة أمريكية؟
ـ لم يجد الأمريكيين عنصرين مهمين كـ مبارك وبن علي لتحقيق مطالبهم، وهم يخشون دخول الشعب إلى الساحة السياسية.
٩. أيهما أهم، الشعوب أم الأحزاب؟
ـ أهم عنصر في ثورات كهذه، التواجد الحقيقي للشعب في ساحة الكفاح السياسي والجهاد.
10. ما هي أولوية الثورات المنتصرة؟
ـ تأسيس نظام سياسي على أسس إسلامية
11. كيف علينا فهم الأسس الصحيحة للمنهج الإسلامي؟
ـ لابد لنا من فهم نهج النهضة الإسلامية الصحيحة من خلال القضية الفلسطينية واستمرارها؟
12. ما هي التحديات التي تواجه الصحوة الإسلامية؟
ـ الهدف النهائي الذي على الصحوة الإسلامية التوصل إليه، لا يقل عن خلق حضارة إسلامية مزدهرة.
13. ما هو الدور الذي يمكن لـ “الثورة الإسلامية” أن تلعبه في تشكيل الصحوات الإسلامية؟
ـ إظهار مدى إمكانية تشكل الحكومات الدينية ومدى إمكانية نيل الازدهار العلمي والاقتصادي والسياسي للمسلمين تحت مظلة الحكومة الإسلامية.
14. ما علاقة الصحوة الإسلامية مع اقتراح الأمريكيين بفتح قنوات للحوار مع إيران؟
ـ هدف الأمريكيين جعل الشعوب الإسلامية المتفاخرة بانتصاراتها تشعر بالخذلان.
15. هل يمكن لتجارب الثورة الإسلامية أن تساعد في دعم الانتفاضات الإسلامية الأخرى؟
ـ التوكل على الله وحسن الظن لوعوده المؤكدة بالنصر الإلهي سبحانه، والمراجعة المستمرة لمبادئ الثورة
16. ما هي سياسة إيران حيال الثورات الصحوة الإسلامية؟
ـ إبراز الإيمان بثورات الشعوب والالتزام بها، ووحدة الصف، والأخوة والجهاد في الإسلام.
17. هل تعتبر التطورات في سوريا ثورة؟
ـ إن حقيقة الحرب في سوريا، أنها مؤامرة حيكت لصالح الكيان الصهيوني ضد محور المقاومة.
18. ما هو الحل الذي تقترحه إيران لإنهاء الأزمة السوري؟.
ـ نحن نناصر الشعب السوري ونعارض أي تدخل أو تحرك يحاك من قبل الأجانب في سوريا. أي إصلاح في سوريا لابد أن يكون من قبل الشعب السوري وبطرق وطنية. التوقف عن إرسال السلاح للمجموعات الفاقدة للشرعية.
19. هل إيران بصدد تصدير من ولاية الفقيه؟
ـ هذه كذبة استمرت لأكثر من ثلاثة عقود بهدف فصل الشعب الإيراني عن باقي شعوب المنطقة.
٢٠. هل دعم إيران للثورة في البحرين يتم من منظور شيعي؟
ـ أكبر خدمة من الممكن أن تقدم لأعداء الأمة الإسلامية، هي في إعطاء صبغة طائفية لثورات التي تثور ضد الاستبداد وتسميتها على أنها ثورة شيعية.
جميع الحقوق محفوظة لـ مركز البحرين للدراسات في لندن
الآراء تعبير عن رأي كتابها، وليس بالضرورة عن موقف المركز.